الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص41
يصح البيع بهذا اللفظ ، حتى يقول البائع بعد ذلك : قد بعتك ؛ لأن قول البائع للمشتري : قد اشتريت مني ، هو استخبار ، وليس ببذل منه ولا إيجاب ، وما لم يكن بذلا ولا إيجابا ، لم يصح عقد البيع به من جهة البائع .
وهكذا لو ابتدأ المشتري فقال للبائع : قد بعتني عبدك بألف ، فقال : قد بعتك ، لم يصح البيع ، حتى يقول المشتري بعد ذلك : قد اشتريت ؛ لأن هذا القول من المشتري ، ليس بقبول ولا طلب ، وما لم يكن قبولا ولا طلبا ، لم يصح عقد البيع به من جهة المشتري .
وأما عقده بلفظ المستقبل : فهو أن يبدأ البائع فيقول : سأبيعك عبدي بألف ، أو يقول : أبيعك عبدي بألف ، ويقول المشتري : اشتريته بها أو سأشتريه ، أو يقول المشتري : تبيعني عبدك بألف ، فيقول : أبيعك ، أو يقول البائع : تشتري عبدي بألف ، فيقول : اشتريته ، فلا يصح عقد البيع بذلك ؛ لأنه خارج مخرج الوعد . وهكذا جميع ما تلفظا به من الألفاظ المستقبلة ، لا يصح عقد البيع بها لما ذكرنا .
ومن هذا النوع أيضا أن يكون اللفظ خارجا مخرج الاستفهام كقوله : أتشتري عبدي بألف ؟ فيقول : قد اشتريته ، أو يقول المشتري : أتبيع عبدك بألف ؟ فيقول : قد بعته ، فلا يصح البيع أيضا لما ذكرنا .
وأما عقده بلفظ الأمر . فإن ابتدأ البائع فقال للمشتري : اشترِ عبدي بألف ، فقال : قد اشتريت ، لم يصح البيع ، إلا أن يعود البائع فيقول : قد بعت ، ولو ابتدأ المشتري فقال للبائع : بعني عبدك بألف ، فقال : قد بعتك بها ، صح البيع ، ولم يحتج المشتري إلى إعادة القبول عندنا .
والفرق بين أن يقول البائع مبتديا للمشتري : اشترِ عبدي بألف ، فيقول : قد اشتريت ، فلا يصح البيع ، وبين أن يبتدئ المشتري فيقول للبائع : بعني عبدك بألف ، فيقول : قد بعتك بها ، فيصح البيع ، وإن كان كلا اللفظين أمرا :
أن البائع إنما يراد من جهته البذل مبتديا أو الإيجاب مجيبا ، ولفظ الأمر بقوله : اشترِ ، لم يوضع للبذل ولا للإيجاب .
والمشتري إنما يراد من جهته القبول مجيبا أو الطلب مبتديا ، ولفظ الأمر بقوله : بعني ، موضوع للطلب وإن لم يوضع للقبول .
فهذا فرق ما بين لفظي البائع والمشتري في الابتداء به على وجه الأمر عن طريق اللغة ومعاني الألفاظ .
وقال أبو حنيفة : هما سواء ، إذا ابتدأ المشتري فقال : بعني عبدك بألف ، فقال البائع :