الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص32
والثاني : رواه الشافعي عن وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي ( ص ) قال : ‘ كل بيّعين فلا بيع بينهما حتى يتفرقا ، أو يقول أحدهما لصاحبه : اختر ‘ .
والثاني : حديث أبي برزة . رواه الشافعي قال : أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة ، عن أبي الوضيء قال : كنا في غزاة ، فباع صاحب لنا فرسا من رجل ، فلما أردنا الرحيل خاصمه فيه إلى أبي برزة ، فقال أبو برزة : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا ‘ .
قال الشافعي : وفي الحديث ما يبين هذا لم يحضر يحيى بن حسان حفظه ، وقد سمعته من غيره : أنهما باتا ليلة ، ثم غدوا عليه ، فقال : ما أراكما تفرقتما ، وجعل لهما الخيار إذا باتا مكانا واحدا بعد البيع .
والثالث : حديث حكيم بن حزام رواه الشافعي قال : أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن قتادة ، عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحرث عن حكيم بن حزام قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيّنا وجبت البركة في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت البركة من بيعهما ‘ .
والرابع : حديث أبي هريرة . رواه أبو زرعة عن عمرو بن حريث عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) أمر مناديه أن ينادي ثلاثا ‘ لا يفترقن بيّعان إلا عن تراض ‘ .
والخامس : حديث عمرو بن شعيب : وقد تقدم ذكره في دليل المخالف .
فدلت هذه الأخبار كلها بصريح القول ودليله على ثبوت خيار المجلس للمتعاقدين معا ما لم يتفرقا بالأبدان ، أو يجعل أحدهما لصاحبه الخيار ، فيختار .
فإن قيل : فإنما جعل لهما رسول الله ( ص ) الخيار ما لم يتفرقا بالكلام : فيكون المراد بالافتراق افتراق الكلام دون افتراق الأبدان : وهو أن يكون للمشتري الخيار بعد بذل البائع في أن يقبل أو لا يقبل ، وللبائع الخيار قبل قبول المشتري في أن يرجع في البذل أو لا يرجع ، فإذا قبل المشتري ولم يكن قد رجع البائع ، فقد تم البيع ، وانقطع الخيار سواء افترقا بالأبدان أو لم يفترقا .