پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص31

فنوع البيع نوعين : نوعا أثبت فيه الخيار بالشرط ، ونوعا نفى عنه الخيار من غير شرط ، فعلم أنه لا يثبت فيه خيار المجلس كالنكاح .

ولأنه عقد معاوضة ، فوجب أن لا يثبت فيه خيار مجلس كالنكاح .

ولأنه عقد يلحقه الفسخ ، فوجب أن لا يثبت فيه خيار المجلس كالكتابة .

ولأنه خيار مجهول ، لم يوجبه نقص ، فوجب أن لا يثبت في البيع كالمشروط من الخيار المجهول .

ولأن تأثير التفرق إنما هو الفسخ لا اللزوم ، ألا ترى أنهما إذا تصارفا ، ثم افترقا من غير قبض ، بطل الصرف ، وإذا كان تأثير التفرق هو الفسخ ، لم يجز أن يلزم به العقد ؛ لأنه لا يجوز أن يكون الشيء الواحد مؤثرا في فسخ العقد وفي إلزامهما معا في حال واحدة ، لأنهما ضدان . ولأن البيع لما لزم بتراضيهما بعد العقد ، وهو أن يقول أحدهما لصاحبه : اختر البيع ، فيختار ، لم يجز أن يلزم بتراضيهما حال العقد ، ووجب أن يكون لازما بمجرد الإيجاب والقبول ، لأن الإيجاب والقبول ، إنما هو رضا منهما بالعقد ، ألا ترى أنهما لو كانا عند الإيجاب والقبول مكرهين لم يصح العقد .

فصل :

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه : ثبوت السنة به من خمسة طرق :

فأحدها : حديث ابن عمر ، وهو وارد من طريقين :

أحدهما : من طريق نافع . والثاني : من طريق عبد الله بن دينار .

فأما نافع فقد روي عنه من طريقين : أحدهما : ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا ‘ .

والثاني : رواه الشافعي عن سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ إذا تبايع المتبايعان البيع ، فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما عن خيار ، فإن كان عن خيار فقد وجب ‘ قال نافع : وكان ابن عمر إذا ابتاع البيع ، فأراد أن يوجب البيع مشى قليلا ثم رجع .

وأما عبد الله بن دينار فقد روي عنه من طريقين :

أحدهما : رواه الشافعي عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن أبي عمر ، قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ البيّعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا ، أو يكون بيعهما عن خيار ، فإذا كان البيع خيار فقد وجب ‘ .