الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص10
والوجه الثالث : أن اللفظ كان مجملا ، فلما بينه النبي ( ص ) صار عاما .
فيكون داخلا في المجمل قبل البيان ، وفي العموم بعد البيان .
فعلى هذا الوجه يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها كالقول الأول .
وعلى الوجهين الأولين ، لا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها كالقول الثاني .
وإنما كان كذلك ، لأن الله تعالى قال : ( وأحل الله البيع ) فأدخل فيه الألف واللام ، وذلك يدخل في الكلام لأحد أمرين .
إما لجنس ، أو معهود .
فلما لم يكن الجنس مرادا ، لخروج بعضه منه ، ثبت أن المعهود مراد .
فعلى هذا ، لا يجوز الاستدلال بظاهرها على صحة بيع ولا فساده ، بل يرجع في حكم ما اختلف فيه إلى الاستدلال بما تقدمها من السنة التي عرف بها البيوع الصحيحة من الفاسدة .
وإذا كان كذلك صار الفرق بينه وبين المجمل من وجه واحد . وبينه وبين العموم من وجهين .
فأما الوجه الذي يقع به الفرق بينه وبين المجمل :
فهو أن بيان النبي ( ص ) فيما نهى عنه من البيوع وأمر به سابق للآية .
وبيان المجمل مقترن باللفظ ، أو متأخر عنه على مذهب من يجوّز تأخير البيان فافترقا من هذا الوجه .
أما الوجهان اللذان يقع بهما الفرق بينه وبين العموم :
فأحدهما : ما مضى من تقديم البيان في المعهود ، واقتران بيان التخصيص بالعموم .
والثاني : جواز الاستدلال بظاهر العموم فيما اختلف فيه من البيوع ، وفساد الاستدلال بظاهر المعهود فيما اختلف فيه من البيوع .
فإذا تقرر إحلال البيوع في الجملة .
فحقيقة البيع في اللسان : تبدل شيء بشيء .