الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص8
قال : وأي هذه المعاني كان ، فقد ألزم الله خَلقه ، بما فرض من طاعة رسوله ، وأن ما قيل عنه فعن الله قيل ، لأنه بكتاب الله قيل فهذا قول الشافعي في معنى الآية .
وجملته : أن للشافعي في معنى الآية أربعة أقاويل :
أحدها : أنها عامة ، وأن لفظها لفظ عموم يتناول إباحة كل بيع إلا ما خصه الدليل .
ووجه ذلك هو أن النبي ( ص ) لما نهى عن بيّاعات كانوا يستعملونها ، ولم يقصد إلى بيان الجائز منها ، وإنما قصد إلى بيان فاسدها منه فدل بذلك على أن الآية قد شملت إباحة البيّاعات كلها ، فاستثنى ما لا يجوز منها .
فعلى هذا هل هي عموم أريد به العموم ؟ أو عموم أريد به الخصوص ؟ على قولين :
أحدهما : أنها عموم أريد به العموم وإن دخله دليل التخصيص .
والثاني : أنها عموم أريد به الخصوص .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : هو أن العموم المطلق الذي يجري على عمومه وإن دخله التخصيص ما يكون المراد باللفظ أكثر ، وما ليس بمراد باللفظ أقل ، والعموم الذي أريد به الخصوص ما يكون المراد باللفظ أقل وما ليس بمراد باللفظ أكثر .
والفرق الثاني : أن البيان فيما أريد به الخصوص متقدم على اللفظ ، وفيما أريد به العموم متأخر عن اللفظ أو مقترن به .
وعلى كلا القولين يجوز الاستدلال بها على إباحة البيوع المختلف فيها ، ما لم يقم دليل التخصيص على إخراجها من عمومها .
فعلى هذا اختلف أصحابنا . هل هي مجملة بنفسها ؟ لتعارض فيها أو هي مجملة بغيرها ؟ على وجهين :
أحدهما : مجملة بنفسها لتعارض فيها .
وذلك أن قوله : ( وأحل الله البيع ) يقتضي جواز البيع متفاضلا ، وقوله : ( وحرم الربا ) يقتضي تحريم البيع متفاضلا ، فصار آخرها معارضا لأولها ، فوقع الإجمال فيها بنفسها .