پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص5

وروى عطاء عن جابر قال : كنت مع رسول الله ( ص ) في سفر على جمل إنما هو في آخر القوم فمر بي رسول الله ( ص ) وقال : ‘ أمعك قضيب ؟ ‘ قلت : نعم ، فأعطيته ، فنخسه وزجره ، فكان في أول القوم ، فقال : ‘ بعنيه ‘ قلت : هو لك يا رسول الله ، قال : ‘ بل بعنيه ‘ قال : ‘ قد أخذته بأربعة دنانير ولك ظهره حتى نأتي المدينة ‘ ، فلما قدمنا المدينة ، قال النبي ( ص ) : ‘ يا بلال اقضه وزده ‘ فأعطاه أربعة دنانير وقيراطا زاده ، قال جابر : لا تفارقني زيادة رسول الله ( ص ) .

وروى أبو بكر الحنفي عن أنس بن مالك أن رسول الله ( ص ) باع لرجل من الأنصار شكا فقرا قدحا وحِلسا بدرهمين فيمن يزيد .

وأما إجماع الأمة : فظاهر فيهم من غير إنكار بجملته ، وإن اختلفوا في كيفيته وصفته ، حتى أن كبراء الصحابة ارتسموا به وندبوا نفوسهم له ، فروى أن أبا بكر – رضي الله عنه – كان تاجرا في البزّ وروي عن عمر – رضي الله عنه – أنه كان تاجرا في الطعام والأقط .

وروي عن عثمان – رضي الله عنه – أنه كان تاجرا في البر والبحر . وروي عن العباس – رضي الله عنه – أنه كان تاجرا في العطر .

وعلى ذلك جرت أحوال الصحابة قبل الهجرة وبعدها ، فمنهم من تفرد بجنس منها ، ومنهم من جلب في جميع صنوفها كعثمان وعبد الرحمن – رضي الله عنهما – فدل مما ذكرنا أن البيع مباح .

فصل :

في تفسير قوله تعالى : ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) [ النساء : 29 ] أما قوله : ( لا تأكلوا ) فمعناه : لا تأخذوا ، فعبر عن الأخذ بالأكل ، لأنه معظم ما يقصد بالأخذ ، كما قال تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) [ النساء : 10 ] أي : يأخذون .

وأما قوله : ( أموالكم ) ففيه تأويلان :

أحدهما : أنه أراد مال كل إنسان في نفسه أن لا يأخذه فيصرفه في المحظورات .

والثاني : أن معناه : لا يأخذ بعضكم مال بعض ، كما قال تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] أي : لا يقتل بعضكم بعضا .