والقول الثاني : قال في الجديد وهو الصحيح ليس عليه إخراج ما بينهما من الفضل ؛ لأن حدوث العيب في الأول قد أبطل وجوبه فسقط حكمه .
فصل
: وأما القسم الثالث : وهو أن يكون واجباً يتعلق بالذمة كالنذر إذا تعين في هدي بقوله : لله علي أن أهدي هذه البدنة فإذا عطبت في الطريق قبل بلوغها محلها فهل عليه بدلها أم لا ؟ على وجهين مبنيين على اختلاف وجهتي أصحابنا في هذا النذر إذا بلغ محله هل يجوز أن يأكل منه أم لا ؟ فإن قيل يجوز أن يأكل منه أجريت عليه حكم هدي التطوع فإذا عطب دون محله نحره في موضعه وخلا بينه وبين مساكين الموضع فلم يأكل منه ولا أحد من أهل رفقته وليس عليه إخراج بدله ، وإن قيل لا يجوز أن يأكل منه عند بلوغ محله فليس عليه نحره وإن نحره كان له أن يأكل وعليه بدله والأول من الوجهين أصح ألا ترى أنه لو نذر عتق عبد بعينه فمات لم يلزمه كذلك إذا نذر هدياً بعينه ثم مات لم يلزمه بدله ؛ لأن حكم الهدي إذا نذره والعبد إذا نذر عتقه سواء إلا في موضع واحد وهو : إذا نذر عتق عبده فقتله لم يلزمه بدله ، ولو نذر هدياً فقتله لزمه بدله والفرق بينهما أن حق المساكين قد تعلق بنذر الهدي فلزمه ولم يتعلق بالعتق فلم يلزمه بدله والله أعلم .
فصل
: إذا ساق المحرم هدياً فضل منه فإن كان في عمرة انتظر به أبداً فإن وجده نحره وإن كان في حج تربص به إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ولا يفوته ذلك ما لم تغب الشمس من يومه وإن وجده نحره وإن لم يجد المعتمر ذلك بعد تطاول الزمان ولا وجد الحاج ذلك حتى خرجت أيام التشريق فهل عليه مثله بدلاً أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : عليه بدله وهو قوله في القديم ؛ لأنه يضل بتفريط من سائقه وإن خفي .
والقول الثاني : قاله في كتاب الضحايا ، ليس عليه بدله ، لأنه لو مات لم يلزمه بدله وهو بالموت غير مرجو فإذا ضل فأولى أن لا يلزمه بدله ؛ لأنه بعد الضلال مرجو فعلى هذا لو أبدله ثم وجده قال الشافعي نحره ، لأنه قد أوجبه فلا يعود في ملكه أبداً وقد أخرجه إلى شيء لله عز وجل وقد روى ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها أنها حجت فأهدت بدنتين وقلدتهما فضلتا فاشترت مكانهما فقلدتهما ثم وجدت الأولتين قال فنحرتهن أربعتهن فكانت كلما حجت بعد ذلك أهدت أربعاً من البدن وبالله التوفيق .