پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص381

المساكين ولا بدل عليه فيها وما كان واجباً من جزاء الصيد أو غيره فلا يأكل منها شيئاً فإن أكل فعليه بقدر ما أكل لمساكين الحرم وما عطب منها فعليه مكانها ‘ .

قال الماوردي : وقد مضى الكلام في الهدي إذا بلغ محله فأما إذا عطب في طريقه وضعف عن بلوغ محله بمرض أو عرج أو زمانه فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون تطوعاً .

والثاني : أن يكون واجباً في الذمة كدماء الحج .

والثالث : أن يكون واجباً لا يتعلق بالذمة كالنذر .

فأما القسم الأول : وهو أن يكون الهدي تطوعاً فعليه أن ينحره في موضعه ويغمس نعليه في دمه ويضربها على صفحته ويخلي بينه وبين مساكين الموضع وينادي فيهم بإباحته وإنما فعل ذلك لما روى سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله ( ص ) كان يبعث معه بالنذر ثم يقول إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها ثم اغمس نعلك في دمها ثم اضربه صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحدٍ من أهل رفقتك فإذا فعل بالهدي ما ذكرنا وهي أربعة أشياء النحر وغمس نعليه بدمه والنداء عليه والتخلية بين مساكين الموضع وبينه فليس له أن يأكل منه غنياً كان أو فقيراً ولا أحد من أغنياء أهل رفقته ، فأما فقراء رفقته فمذهب الشافعي أنه لا يجوز لهم أن يأكلوا أشياء منه وإن كانوا فقراء لقوله ( ص ) : ‘ ولا تطعمها أنت ولا أحدٌ من أهل رفقتك ‘ وقال بعض أصحابنا يجوز أن يأكل منها فقراء رفقته لأن بحصولهم بالموضع قد صاروا من أهله وهذا قول يدفعه نص السنة المروية ويبطله معنى النهي في الاحتياط ؛ لأنه لو رخص لأهل الرفقة في أكله لجاز أن يتوصلوا إلى عطبه ليتعجلوا استباحة أكله فإذا منعوا من أكله عند عطبه كان ذلك داعية حفاظه وسبب الاحتياط في إبلاغه فإن أكل منه أو أكل أحد من أهل رفقته كان ضامناً لقدر ما أكل وعليه إبلاغ ما ضمنه الحرم ، لأنه يقدر على إبلاغه الحرم بخلاف الهدي الذي قد عطب فلا يقدر على إبلاغه الحرم فإن لم يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته منه وفعل به الأربعة أشياء فلم يأكل أحد من مساكين الموضع منه حتى تغير أو هلك فلا ضمان عليه ؛ لأن عليه تمكين أهل الموضع منه وليس عليه أن يأكلوا منه ، فأما إذا لم يفعل به شيئاً مما ذكرنا فتركه حتى مات فإن كان قادراً على نحره فلم ينحره حتى هلك فعليه ضمانه وغرامة مثله لمساكين الحرم وإن لم يقدر على نحره حتى مات بعجلة هلاكه وسرعة موته فلا ضمان عليه ، فأما إن نحره وخلا بينه وبين المساكين وإباحة أكله من غير أن يصبغ نعليه بدمه أجزأه واستباح المساكين أن