پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص379

فأما الواجب في الحج جبراناً وهو : ما وجب لترك مأمور به أو فعل منهى عنه فلا يجوز عند الشافعي أن يأكل من شيء منه بحال .

وقال أبو حنيفة : يجوز أن يأكل من دم التمتع والقران دون ما سواهما ؛ لأنهما عنده دم نسك لا جبران .

وقال مالك : يجوز أن يأكل من جميع الدماء الواجبة إلا من دمين لا يجوز أن يأكل منهما وهما جزاء الصيد وفدية الأذى ، وقد مضى الكلام في ذلك من قبل ثم نقيس ما خالفوا فيه على ما أجمعوا هاهنا عليه فنقول ؛ لأنه دم وجبت إراقته في الحج فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد ؛ ولأن الدم أحد نوعي ما يقع به التكفير في الإحرام فلم يجز أن يأكل منه كالطعام يعني : الحنطة ، فإذا ثبت أنه لا يجوز أن يأكل منه فأكل كان ضامناً له وفي كيفية ضمانه ثلاثة أوجه :

أحدهما : أن يضمن قيمته ورقاً ؛ لأنه أتلف على المساكين ما لا مثل له فوجبت عليه قيمته .

والوجه الثاني : عليه بقدر وزنه لحماً ؛ لأنه أقرب عليه وأسهل وأنفع للمساكين .

والوجه الثالث : عليه أن يعتبر ما أكله من اللحم كم هو من الهدي أنصف أم ثلث ؟ فيلزمه مثله من الحيوان الحي .

فصل

: وإن كان الهدي نذراً فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون على وجه المجازاة وهو أن يقول : إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي أو سلم مالي فلله على أن أهدى هذه البدنة فهذا لا يجوز أن يأكل منه ؛ لأنه جاري مجرى البدل فشابه الجبران ، فإن أكل منه كان ضامناً على ما مضى .

والضرب الثاني : أن يكون النذر على غير وجه المجازاة وإنما هو تبرر : أن يقول لله على أن أهدي هذه البدنة فهذا على الصحيح من المذهب واجب كوجوب المجازاة وهل يجوز على هذا أن يأكل منه أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا يجوز أن يأكل منه كالنذر على وجه المجازاة وهذا أشبه بمنصوص الشافعي .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي يجوز أن يأكل منه ؛ لأنه متطوع بإيجابه فصار كالتطوع من غير إيجاب .

فصل

: وإن كان الهدي تطوعاً فله أن يأكل منه لقوله سبحانه وتعالى : ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا ) ( الحج : 28 ) وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله ( ص ) أهدى