الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص377
بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً ‘ وكذلك لو ركبها من غير ضرورة جاز ما لم يضر بها سواء كان واجباً أو تطوعاً لرواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) رأى رجلاً يسوق بدنةً فقال اركبها فقال يا رسول الله إنها بدنةٌ فقال : اركبها ويلك ‘ فلو ركبها غير مضطر فأعجفها غرم قيمة ما نقصها .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وتنحر الإبل قياماً معقولةً وغير معقولةٍ فإن لم يمكنه نحرها باركةً ويذبح البقر والغنم ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال من السنة في الإبل أن تنحر في لبتنها قياماً .
وقال عطاء : تنحر باركة .
والدلالة عليه قوله تعالى : ( وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوافَّ ) ( الحج : 36 ) وقرأ الحسن صوافي يعني قياماً على ثلاث ثم قال : ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) ( الحج : 36 ) يعني : سقطت جنوبها ، وهذا لا يكون إلا إذا نحرت قياماً ؛ لأنها تسقط من قيام ويختار أن تعقل يدها اليسرى لتقوم على ثلاثة لرواية ابن الزبير عن جابر أن النبي ( ص ) نحر بدنةً قياماً معقولةً يدها اليسرى فإن نحرها باركة أجزأه .
فأما البقر والغنم فالسنة فيها أن يذبحها في حلقهما مضجوعة على جنبها الأيسر فإن ذبحها قائمة أجزأ وقد أساء .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فإن ذبح الإبل ونحر البقر والغنم أجزأه ذلك وكرهته له ‘ .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن السنة في الإبل نحرها في اللبة وفي البقر والغنم ذبحها في الحلق فإن خالف السنة فذبح الإبل ونحر البقر والغنم أجزأه ذلك وقد أساء .
وقال مالك : إن نحر البقر والغنم جاز وإن ذبح الإبل لم يجز لما روي عن النبي ( ص ) أنه نهى أن تعقر الإبل والدلالة عليه قوله تعالى : ( إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) ( المائدة : 3 ) والتذكية في كلامهم : القطع ؛ ولأن كل ما جاز نحره جاز ذبحه كالبقر والغنم ، ولأن كل ما كان ذكاة في البقر والغنم كان ذكاة في الإبل كالنحر ، فأما نهيه عن عقر الإبل فإنما خرج على ما كانت العرب تفعله من عقر الإبل في أرجلها قبل نحرها ، فأما هذا فليس بعقر وإنما هو ذكاة والله أعلم .