پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص376

ملكاً للمساكين وهو عليها أمين فإن نتجت في الطريق لزمه أن يسوق النتاج معها ؛ لأنه تبع لها كذلك الأمة إذا أعتقت فإن كان النتاج لا يبلغ بنفسه حمله على أمه فإن غاب الهدي في الطريق لم يضمنه وأجزأه أن ينحره معيباً ، لأن حدوث العيب كان في ملك المساكين من غير أن يتعلق لهم بذمته ضمان .

والضرب الثاني : أن يوجبه على نفسه بأن يعينه عن واجب في ذمته وهو أن يكون في ذمته هدي واجب فيقول : لله علي أن أهدي هذه البدنة عما عليّ وفي ذمتي من الهدي الواجب فإذا قال ذلك تعين وجوبها عليه ولزمه أن يهديها بعينها ولم يجز أن يبدلها بغيرها كمن كان عليه عتق رقبة فقال : لله علي أن أعتق هذا العبد عما عليّ لزمه عتقه ولم يجزه غيره .

فإذا ثبت تعيين هذه البدنة عليه بدلاً مما في ذمته فإن وصلت إلى المساكين سالمة أجزأته وإن عابت قبل وصولها إليهم لم يجزه أن يهديها معيبة عما وجب عليه ولزمه أن يهدي سليمة بدلها لتكون نائبة عما كان عليه وليس عليه أن يهديها بعد عيبها وله أن يتصرف فيها بما شاء من بيع وغيره ؛ لأنه إنما كانت قد تعينت عليه ؛ لأنها مع سلامتها قد كانت تجزئه عما وجب عليه فإذا عابت زال عنها معنى الإجزاء فزال عنها معنى الوجوب فلو كانت على سلامتها فنتجت فصيلاً فهل يكون ملكاً للمساكين يلزمه أن يسوقه معها أو يكون ملكاً له يتصرف فيه كيف شاء ؟ على وجهين :

أحدهما : إنه للمساكين وعليه أن يسوقه معها لأنها قد خرجت عن ملكه بالتعيين فوجبت أن لا يملك نتاجها كالتي خرجت من ملكه بالنذر .

والوجه الثاني : إنه ملكه ولا يلزمه سوقه كالأم ؛ لأن ما وجب في ذمته من حق المساكين غير مستقر فيها إذ قد تعينت فلا يسقط الوجوب فيها فلم يكن النتاج تابعاً لها .

فصل

: فأما لبن الهدي فليس له شربه ولا سقي أحد منه إلا بعد ري فصيلها فإذا ارتوى الفصيل من لبنها جاز أن يشربه ويسقي الناس منه .

قال الشافعي : ولو تصدق به على المساكين كان أحب إليّ فإن قيل ما الفرق بين اللبن والنتاج حيث جاز أن تشرب اللبن ولم يجز أن يأكل النتاج وكلاهما حادث منها ؟ قبل الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : إن اللبن يستخلف مع الأوقات وليس كذلك النتاج .

والثاني : أن في تبقية اللبن إلى بلوغ محله فساد له وليس كذلك النتاج .

فصل

: قال الشافعي ويركب الهدي إن اضطر إليه ركوباً غير قادح ويحمل المضطر عليها لرواية ابن الزبير عن جابر قال سئل رسول الله ( ص ) عن ركوب الهدي فقال : ‘ اركبها