الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص372
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أوجب على نفسه هدياً فلا يخلو حاله من أحد أمرين : إما أن يعين موضع نحره أو لا يعين فإن عين موضع نحره فعليه أن يفرقه حيث عين سواء كان الموضع الذي عين نحره فيه حلاً أو حرماً ، فلو نذر أن ينحره بمكة لم يجز أن ينحره بغيرها ، ولو نذر أن ينحره بالبصرة فإن نحره بالبصرة أجزأه وكان أولى وإن نحره بغير الإراقة والتفرقة لوجود القربة في الإراقة وفي غير الحرم يستحق فيه التفرقة دون الإراقة فلا يجوز إذا عينه بالبصرة أن يفرقه بغيرها ؛ لأنه قد صار حقاً لمساكينها ، فلو ساقه إلى الموضع الذي عينه فأحصر دونه جاز أن ينحره حيث أحصر ، وكذلك ما ساق معه من الدماء الواجبة عليه كدم المتعة ، والقران ، ودم الطيب واللباس فأحصر دون الحرم فنحره حيث أحصر أجزأه ، لأنه محل إحلاله فهذا الكلام في الهدي الذي عين موضع نحره .
أحدهما : يجزئه في غير الحرم ، لأننا على هذا القول نجريه مجرى الصدقات التي تجوز في الحرم وغيره .
والوجه الثاني : وهو الصحيح لا يجزئه إلا في الحرم لقوله تعالى : ( هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ ) ( المائدة : 95 ) فجعل شرطاً في الهدي إبلاغه الحرم .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان الهدي بدنة أو بقرة فمن السنة تقليدها وإشعارها وإن كانت شاة فمن السنة تقليدها دون إشعارها سواء كان هدي إحصار أو غيره .
وقال أبو حنيفة : الإشعار بدعة مكروهة والتقليد سنة إلا في هدي الإحصار واستدل على ذلك بما روي عن رسول الله ( ص ) أنه نهى عن المثلة وفي الإشعار مثله وبما روي عن النبي ( ص ) أنه نهى عن تعذيب الحيوان وفي الإشعار تعذيب لها ، ولأن المقصود من الهدي لحمه والإشعار يهزله ويفسده ودليلنا ما رواه الشافعي عن سفيان عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن رسول الله ( ص ) خرج حتى إذا أتى ذا