پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص370

فصل

: فإذا ثبت أن ما تعين إيجابه بالنذر لم يجز بيعه ولا التصرف فيه ، انتقل الكلام إلى ما يصير به واجباً وذلك ضربان : إما أن يوجبه على نفسه بقوله أو بنيته ، فإن أوجبه على نفسه بقوله فقد وجب سواء قلده وأشعره أم لا وإيجابه بالقول أن يقول : لله علي أن أهدي هذه البدنة ، وإن أوجبه بنيته وهو أن ينوي هذه البدنة من غير أن يتلفظ بلسانه فهذا على ضربين :

أحدهما : أن لا يوجد منه غير النية حسب من غير أن يقلد ويشعر أن يكون ذلك مما لا يقلد ولا يشعر فهذا غير واجب وهو على أصل ملكه لا يلزمه هديه ، لأن الأموال المخرجة في القرب لا تلزم بمجرد النية كالضحايا والعتق .

والضرب الثاني : أن يضم إلى نيته التقليد والإشعار وهو أن ينوي هدي هذه البدنة ويقلدها ويشعرها من غير أن يتلفظ بإيجابها ففيها قولان ذكرهما أبو حامد في جامعه أحد القولين : إنها غير واجبة لما ذكرنا .

والقول الثاني : إنها قد وجبت وليس له الرجوع فيها ؛ لأن التقليد والإشعار مع النية علم ظاهر كالقول فوجبت به كما تجب بالقول فهذا حكم الهدي المعين .

فصل

: فأما غير المعين فضربان : مطلق ، ومقيد .

فأما المقيد فهو أن يقول : لله علي أن أهدي كذا فعليه أن يهدي ما سماه سواء جاز أضحية أم لا حتى لو سمى بيضة لم يلزمه غيرها فإن نوى هدي شيء من غير أن يتلفظ به لم يلزمه بخلاف المعين قولاً واحداً .

وأما المطلق فهو أن يقول لله علي أن أهدي هدياً ويطلق من غير أن يعينه في شيء ولا يقيده لشيء ففيما يلزمه بهذا الإطلاق قولان :

أحدهما : وهو قوله في القديم قاله في كتاب ‘ النذور ‘ أنه يلزمه ما يجوز في الصدقة من النعم أو من غيره من قليل أو من كثير حتى لو أهدى بيضة أو تمرة أجزأه ؛ لأن اسم الهدي ينطلق على النعم وغير النعم لغة وشرعاً .

أما اللغة : فلأن الهدي مأخوذ من الهدية والهدية لا تختص بالنعم دون غيرها وأما الشرع : فلقوله تعالى : ( فَجَزَاءٌ مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ ) ( المائدة : 95 ) وقد يجب في الجزاء ما لا يجوز أضحية وقد سماه الله تعالى هدياً ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال في التبكير إلى الجمعة : ‘ ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةً ‘ .