الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص360
عباس قال : قالت ضباعة بنت الزبير : يا رسول الله ( ص ) ، إني امرأة ثقيلةٌ ، وإني أريد الحج ، فقال : أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني .
وأما الموقوف فرواه الشافعي عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال : قالت لي عائشة رضي الله عنها : هل تثتثني إذا حججت ؟ قلت لها : ماذا أقول ؟ فقالت : قل اللهم الحج أردت ، وله عمدت ، فإن يسرته لي فهو الحج ، وإن حبسني حابسٌ فهي عمرةٌ ، فاختلف أصحابنا ، فكان بعضهم يخرج انعقاد الشرط وجواز الإحلال به ، على قولين :
أحدهما : أنه منعقد به ، والعمل به جائز ؛ لما روي فيه من الأخبار .
والقول الثاني : أنه غير منعقد ، والعمل به غير جائز ، لقول الله تعالى : ( وأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ ) ( البقرة : 196 ) ، وقال آخرون من أصحابنا : الشرط منعقد قولاً واحداً ؛ لأنه في الجديد توقف عن العمل به ؛ لأجل الحديث وصحته ، وقد صححه أصحاب الحديث ، فلذلك انعقد الشرط قولاً واحداً وجاز العمل به ، فعلى هذا لا ينعقد الشرط حتى يكون مقترناً بإحرامه ، فإن شرط قبل إحرامه أو بعده لم ينعقد الشرط ، وإن كان الشرط مقترناً بإحرامه ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون فيه غرض صحيح .
والثاني : أن لا يكون فيه غرض صحيح .
فإن كان فيه غرض صحيح ، وهو أن يقول : إن حبسني مرض ، أو انقطعت بي نفقة ، أحللت ، أو أنا حلال ، أو يشترط فيقول : إن أخطأت العدد ، أو ضللت عن الطريق ، أو عاقني عائق ، ففاتني الحج ، كان حجي عمرة ، فهذه الشروط كلها منعقدة ؛ لما فيها من الغرض الصحيح ، وإن لم يكن في الشروط غرض صحيح ، مثل قوله أنا محرم بحج ، فإن أحببت الخروج منه خرجت ، وإن لم يساعدني زيد قعدت ، فهذا وما أشبهه من الشروط فاسدة ، لا تنعقد ، ولا يجوز الإحلال بها .