الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص359
قيل : ظاهر الآية لا يدل إلا على الهدي ، فأما التحلل فغير مذكور ، وإنما هو مضمر فيه ، فلا يدعي فيه العموم ، والإضمار لا يوصل إلى تعيينه إلا بدليل ، ثم لو كان العموم بتناولهما جميعاً ، لكان المراد بالآية الإحصار بالعدو دون المرض من وجهين :
أحدهما : قوله في أثناء الآية : ( وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيَ مَحِلَّهُُ ) ( البقرة : 196 ) ، فمنع توجيه الخطاب إليه أن يحلق رأسه حتى ينحر ، وهذا في المحصر بالعدو ، ولأن المحصر بالمرض يجوز أن يحلق قبل أن ينحر .
والثاني : قوله فيها : ( فَإِذَا أَمِنْتُمْ ) ( البقرة : 196 ) والأمن إنما يكون عن خوف ، فأما عن مرض فإنما يقال : برء ، فثبت أن المراد بها إحصار العدو دون المرض ، فأما قوله : ‘ من كسر أو عرج فقد حل ‘ . قلنا : محمول على من شرط التحلل .
فإن قيل : فقد أضمرتم في الخبر شرطاً غير مذكور مع إمكان حمل اللفظ على ظاهره .
قيل : لا بد من إضمار في الخبر ؛ لأنه لا يتحلل بنفس الكسر والعرج ، فلم يمكن حمل اللفظ على ظاهره . وأما قياسهم على المحصر بالعدو ، بعلة أنه مصدود عن البيت فغير سليم ؛ لأن المريض غير مصدود عن البيت ؛ لأنه لم يحمل المشقة لموصل إليه ، ثم المعنى في الإحصار بالعدو ، أنه يستفيد بالتحلل التخلص من الأذى الذي هو فيه ، وليس كذلك المريض
وأما قياسهم على الجهاد ، فالجهاد قتال ، والمريض لا يقدر عليه ، فجاز له الخروج منه ، والحج سير ، والمريض يمكنه السير إذا كان راكباً ، فلم يكن له الخروج منه .
وأما قولهم : إن المريض أسوأ حالاً ، فقد تقدم الجواب عنه .