پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص354

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإذا لم يجد هدياً يشتريه أو كان معسراً ففيها قولان أحدهما أن لا يحل إلا بهديٍ والآخر أنه إذا لم يقدر على شيءٍ حل وأتى به إذا قدر عليه إذا أمر بالرجوع للخوف أن لا يؤمر بالمقام للصيام والصوم يجزئه في كل مكانٍ ( قال المزني ) القياس عنده حق وقد زعم أن هذا أشبه بالقياس والصوم عنده إذا لم يجد الهدي أن يقوم الشاة دراهم ثم الدراهم طعاماً ثم يصوم مكان كل مد يوماً ‘ .

قال الماوردي : قد ذكرنا أن على المحصر تحلله هدياً ، فالهدي شاة ؛ لقوله تعالى : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ) ( البقرة : 196 ) ، وأقل ما يجوز في الميسور شاة تجوز أضحية ، وقال جابر : أحصرنا مع رسول الله ( ص ) عام الحديبية ، فنحرنا البدنة عن سبعةٍ ، ونحرنا البقرة عن سبعةٍ ، فإذا ثبت أن هدي الإحصار شاة ، فلا يخلو حال المحصر من أحد أمرين :

إما أن يكون واجداً للشاة ، أو عادماً لها .

فإن كان واجداً لها نحرها موضعه – على ما ذكرنا – ، ولم يجز أن يتحلل قبل نحرها ؛ لقوله : ( وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ ) ( البقرة : 196 ) ؛ ولأن الهدي بدلٌ من الأفعال التي تركها ، وهو لم يكن يتحلل إلا بها ، فكذلك الهدي الذي هو بدل لها ، فإذا ثبت أنه لا يجوز أن يتحلل قبل النحر ، فإن قلنا : إن الحلاق إباحة بعد حظر ، وليس بنسك ، فإحلاله يكون بالنحر وحده ، ولا يجزئه حتى ينحر هديه ناوياً به الإحلال ؛ لأنه ليس يتحلل بالأفعال التي انعقد عليها إحرامه فيجزئه فعلها بالنية المتقدمة لها ، وإنما يتحلل بغيرها وهو الذي لم تضمنه نية إحرامه ، فافتقر في نحره إلى نية ليقع بها التميز ، ويحصل بها الإحلال ، فإذا نحر هديه فقد حل وإن قلنا : إن الحلاق نسك ، فإحلاله يكون بشيئين : وهما نحر الهدي ناوياً ثم الحلق ، فإن نحر ولم يحلق فهو بعد على إحرامه ، فهذا حكم المحصر إذا كان واجداً لهدي .

فصل

: فأما إذا كان عادماً للهدي ، إما لتعذره أو لإعساره ، فقد اختلف قول الشافعي هل له بدل أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : لا بدل له ؛ لأن الله تعالى نص عليه ، ولم ينص على بدله ، فلو كان ذا بدلٍ لنص عليه كما نص على غيره ، من دم المتعة ، والأداء وجزاء الصيد .

والقول الثاني : له بدل ينقل إليه عند عدمه ؛ لأن سائر الدماء الواجبة في الإحرام لها أبدال تنقل إليها مع الإعدام ، فكذلك دم الإحصار ، فإذا قلنا : ليس له بدل ، كان الدم في ذمته إلى وقت وجوده ، وهل له التحلل قبل وجوبه ونحره أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : ليس له ذلك ؛ لقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ