الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص347
المقام على إحرامه ، وليس له التحلل منه ، ولو كان محرماً بعمرة ، فأحصر ، وعلم أن العدو ينكشف بعد شهر ، أن له أن يتحلل من إحرامه ، وليس للعمرة وقت يفوت ، كما أن الحج هناك بعد شهر ليس يفوت ؟ قيل : الفرق بينهما أن المحرم بالحج لو لم يحصر لم يمكنه التحلل منه قبل وقت الحج ، وكان عليه المقام على إحرامه إلى وقت الحج ، فلم يلتزم بالإحصار استدامة إحرام لم يكن لازماً له ، وليس كذلك للمحرم بالعمرة ؛ لأنه لو لم يكن إحصار لأمكنه التحلل من إحرامه عند فراغه من عمرته ، إذ ليس للعمرة وقت يختص به ، فجاز له التحلل من إحرامه بالإحصار ؛ لأنه بالمقام على إحرامه يلتزم استدامة إحرامٍ لم يكن لازماً له ، فهذا الكلام فيه إذا تيقن انكشاف العدو .
أحدهما : أن يكون له في هذا الطريق عدو مانع ، وذلك قد يكون من أحد وجوه :
إما أن يخاف على نفسه من قلة ماء أو مرعى ، أو يخاف على ماله من لص غالب ، أو يخاف على نفسه من عدو قاهر ، أو يضطر فيه إلى ركوب بحر ، أو يحتاج فيه إلى زيادة نفقة وهو لها عادم ، فهذه كلها أعذار لا يلزمه معها سلوك الطريق الآخر ، ويكون حكمه حكم من ليس له طريق إلا الطريق التي أحصر فيها ، فيجوز له التحلل على ما مضى .
والضرب الثاني : أن لا يكون له عذر مانع من سلوك هذا الطريق فعليه أن يسلكه ، ولا يجوز له التحلل سواء كان إدراك الحج بسلوكه ممكناً أم لا ، فإن سلكه ووصل إلى مكة ، فإن أدرك الحج أجزأه عن حجة الإسلام ، وإن لم يدرك الحج ، فهذا على ضربين :
أحدهما أن يكون إدراك الحج ممكناً حين سلكه ؛ لأنه مسافة عشرة أيام ، وبينه وبين يوم عرفة عشرة أيام ، فهذا يلزمه قضاء الحج بالفوات ؛ لأن فوات الحج مع إمكان الإدراك لم يكن بالإحصار ، ولا للإحصار فيه تأثير ؛ فلذلك لزم فيه القضاء ، وعليه مع القضاء دم الفوات .