الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص343
فإن قيل : يبطل بقتل القمل ، قيل : القمل لا يجب بقتله الجزاء ، وإنما يجب لإزالة الأذى من رأسه ؛ ألا ترى أنه لا يلزمه الجزاء إذا قتله من على بدنه ، وإنما يلزمه إذا قتله على رأسه ؛ ولأن ما يوجب الجزاء من الصيد المقتول إنما يوجب المثل أو القيمة الكاملة ، فلما كان قتل السبع غير موجب للمثل ولا للقيمة الكاملة علم أنه غير مضمونٍ .
فإن شئت حررت ذلك قياساً فقلت : لأن كل ما لم يضمن بالمثل ولا بكمال القيمة لم يكن مضموناً بالجزاء كالذئب .
وأما الجواب عن الآية فمن وجهين :
أحدهما : أن اسم الصيد لا يقع على السبع ؛ لأن الصيد ما أحله الله تعالى من البر ، وليس السبع مما أحله الله تعالى من البر ، فلم يكن من جملة الصيد .
والثاني : أن الصيد ما وجب فيه المثل عندنا أو القيمة عندهم ، والسبع لا يجب فيه المثل ولا القيمة الكاملة فلم تكن من الصيد ، وأما قياسهم على الضبع فالمعنى فيه : أنه صيدٌ مأكولٌ ، فليس كذلك السبع .
وأما قولهم : إن الجزاء غير مقصورٍ على ما يؤكل لحمه كالسمع المتولد بين الضبع والذئب ، فالمعنى فيه أنه متولدٌ ما بين مأكول وغير مأكول ، فغلب حكم التحريم ، وليس كذلك السبع ، فأما مالك فإنه فرق بين صغار ذلك وكباره .
وهذا غير صحيح ؛ لأن ما يحرم بالإحرام ، ويضمن بالجزاء ، يستوي حكم صغاره وكباره فكذلك ما يستباح مع الإحرام ، ويسقط فيه الجزاء يجب أن يستوي حكم صغاره وكباره ، كالحشرات فإذا ثبت سقوط الجزاء في ذلك كله في الحرم والإحرام ، فما كان منه مؤذ لم يحرم قتله ، وما لم يكن مؤذياً ففي تحريم قتله وجهان :
أحدهما : لا يحرم قتله لضعف حرمته .
والثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي قتله حرام ؛ لقوله ( ص ) : ‘ في كل ذات كبد حرى أجر ‘ .