الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص341
( قال الشافعي ) رضي الله عنه : ‘ وللمحرم أن يقتل الحية والعقرب والفأرة والحدأة والغراب والكلب العقور وما أشبه الكلب العقور مثل السبع والنمر والفهد والذئب صغار ذلك وكباره سواءٌ وليس في الرخم والخنافس والقردان والحلم وما لا يؤكل لحمه جزاءٌ لأن هذا ليس من الصيد وقال الله جل وعز : ( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمَا ) فدل على أن الصيد الذي حرم عليهم ما كان لهم قبل الإحرام حلالاً لأنه لا يشبه أن يحرم في الإحرام خاصةً إلا ما كان مباحاً قبله ‘ .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن وحشي الحيوان ضربان : مأكول ، وغير مأكول .
فالمأكول قد مضى حكمه في تحريم قتله ، ووجوب جزائه ، وغير المأكول على ثلاثة أضرب :
ضرب لا جزاء في قتله إجماعاً ، وذلك الهوام وحشرات الأرض ، فالهوام كالحية والعقرب ، والزنبور ، والحشرات كالدود والخنافس والجعول .
وضرب فيه الجزاء وهو المتولد بين مأكول وغير مأكول ، كالسمع وهو المتولد بين الضبع والذئب ، والمختم وهو المتولد بين الحبارى والغراب ، وكالمتولد بين حمار وحش ، وحمار أهلي ، فهذا غير مأكول ، تغليباً لحكم الحظر ، وفيه الجزاء تغليباً لحكم الجزاء .
وضرب مختلف فيه وهو سباع البهائم ، وجوارح الطير ، فذهب الشافعي إلى أن قتلها مباحٌ ، ولا جزاء فيه ، وقال أبو حنيفة : الجزاء في قتلها واجب ، إلا الكلب والذئب ، وقال في السمع إن كانت قيمته مثل قيمة الشاة أو أقل ، ففيه قيمته ، وإن كانت قيمته أكثر من قيمة الشاة ، فليس عليه أكثر من قيمة الشاة ؛ وقال مالك : ما كان من سباع البهائم وجوارح الطير كباراً فيها عدوى ففيها الجزاء ، وما كان منها صغاراً ليس فيها عدوى فلا جزاء عليها .
واستدلوا على وجوب الجزاء بقوله تعالى : ( يَا أيُّهَا الّّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمَّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ( المائدة : 95 ) فأوجب الجزاء في الصيد ، والسباع من جملة الصيد ؛ لأنهم يقولون : فلانٌ صار سبعاً ، كما يقولون : صار ظبياً ، قالوا : ولأنه حبس من الصيد الممتنع الذي لا تعم به البلوى فجاز أن يجب الجزاء