الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص339
والقسم الثالث : أن يعيش ويغيب ، فلا يعلم هل امتنع أو لم يمتنع ؟ إلا أن جنايته معلومة ، فعليه ضمان نفسه ؛ لأن الأصل أنه غير ممتنع ، حتى يعلم امتناعه ، وفي غير الممتنع قيمته ، وإن مات الصيد فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يموت بالنتف ، فعليه ضمان قيمته ، أو فداء مثله ؛ لأن موته من جنايته .
والقسم الثاني : أن يموت بسبب حادث غير النتف ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون السبب الحادث مما لا يتعلق به ضمان الصيد لو انفرد ، مثل أن يفترسه سبع أو يقتله محل ، فيكون على الجاني الأول أن يفيده كاملاً ؛ لأنه قد كان له ضامناً .
والضرب الثاني : أن يكون السبب الحادث مما يتعلق به ضمان الصيد لو انفرد ، مثل : أن يقتله محرم ، أو يقتله محل والصيد في الحرم ، فهذا على فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تكون جناية الأول بالنتف قد استقرت فيه ، وبرأ غير ممتنع ، فإذا كان كذلك وجب على الأول أن يفديه كاملاً ؛ لأنه قد كفه عن الامتناع ، ووجب على الثاني أن يفديه كاملاً ؛ لأنه قتل صيداً حياً ، فإن كان مما يضمن بشاة ، كان على الأول شاة كاملة ، وعلى الثاني شاة كاملة ، وإن كان مما يضمن بالقيمة ، فعلى الأول قيمته وهو صيد ممتنع ، وعلى الثاني قيمته وهو صيد غير ممتنع .
والضرب الثاني : أن تكون جناية الأول بالنتف لم تستقر ، ولا برأ منها ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الثاني : قاتلاً للصيد بالتوجيه ، وهو أن يذبحه أو يشق بطنه ويخرج حشوته فإذا كان كذلك وجب على الأول ما بين قيمته عافياً ومنتوفاً ؛ لأنه بالنتف جارحٌ ، ووجب على الثاني أن يفديه كاملاً ؛ لأنه بالتوجيه قاتل .
والضرب الثاني : أن يكون الثاني جارحاً له من غير توجيه ، فإذا كان كذلك فقد استويا فيكونان قاتلين ، وتكون الفدية عليهما نصفين ، فهذا حكم القسم الثاني .
والقسم الثالث : أن يموت بعد أن يغيب عن العين غير ممتنع ، ولا يعلم هل مات بما تقدم من الجناية ، أو بسبب حادثٍ غير الجناية ، فعليه أن يفديه كاملاً ؛ لأمرين :
أحدهما : أن حدوث سببه بعد الأول مظنون ؛ فلم يجز أن يسقط به حكم اليقين .
والثاني : أن الأول قد ضمن جميع قيمته ، فلم يسقط مما ضمنه شيء بالشك .
قال الشافعي – رضي الله عنه – : ومن رمى طيراً فجرحه جرحاً لا يمتنع معه ، أو كسره كسراً لا يمتنع معه ، فالجواب فيه كالجواب في نتف ريش الطائر سواء ، لا يخالفه .