پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص327

به البلوى ، وما عم به البلوى يجب أن يكون بيانه منتشراً وفي الناس مستفيضاً ، وليس فيه استفاضة ، فلم يصح تحريمه والدلالة عليه : ما روى أسعد بن سوار عن نافع عن ابن عمر أن نبي الله ( ص ) قال : ‘ إن إبراهيم كان عبد الله وخليله ، وإني عبد الله ورسوله ، وإن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ، فلا يحل لمسلم أن يقطع شجرها إلا لعلف بعيره ‘ فأخبر أنه حرم المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، ثم كان صيد مكة حراماً فوجب أن يكون صيد المدينة حراماً .

وروى عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ إني لأحرم ما بين لابتي المدينة أن لا يقطع عضاهها ولا يقتل صيدها ‘ ، وقال : ‘ المدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون لا يخرج عنها أحدٌ رغبةً عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحدٌ على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة ‘ ، وهذا نص ظاهر في تحريم الصيد .

وروى يزيد التميمي عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن النبي ( ص ) قال : ‘ إن المدينة حرامٌ ما بين عيرٍ إلى ثورٍ ‘ وهما جبلان بالمدينة .

وروى الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : ‘ حرم رسول الله ( ص ) ما بين لابتي المدينة ‘ قال أبو هريرة : فلو وجدت الضياء ما بين لابتيها ما زعرتها وجعل حول المدينة اثنا عشر ميلاً ، فدلت هذه الأخبار المستفيضة على تحريم صيد المدينة .

فصل

: فإذا ثبت أن صيد المدينة حرام فهل يضمن بالجزاء أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : وبه قال في القديم : إنه مضمون بالجزاء ، وجزاؤه سلب قاتله ؛ لما روى سليمان بن أبي عبد الله أن سعد بن أبي وقاص رأى رجلاً يصيد بالمدينة فسلبه ، فجاءه مواليه وسألوه أن يرد عليه ما أخذ ، فقال سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ من وجدتموه يصيد بالمدينة فاسلبوه ، فلا أرد طعمةً أطعمنيها رسول الله ( ص ) ولكن إن شئتم أن أعطيه ثمنه فعلت . والقول الثاني : قاله في الجديد من الإملاء : لا جزاء عليه ؛ لأن ما لا يضمن بالمثل من النعم لم يضمن بالجزاء والسلب ، كالصيد الذي لا يؤكل ؛ ولأن كل صيد لم يكن جزاؤه مصروفاً إلى أهل الحرم لم يكن مضموناً بالجزاء كصيد سائر البلدان .