پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص320

بين مفردٍ أو قارنٍ ؛ ولأنهما حرمتان يجب بهتك كل واحد منهما على الإفراد جزاءٌ واحدٌ ، فوجب إذا جمعهما أن يجب بهتكهما جزاءٌ واحدٌ ، كالمحرم إذا قتل صيداً في الحرم ؛ ولأنه صيد واحد فوجب أن لا يجب بقتله إلا جزاء واحد ، كالمفرد لأنه نقص يجب على المفرد به دم واحد ، فوجب أن يجب على القارن به دم واحد كترك الميقات ، وأما قياسهم على قتل الصيد في نسكين مفردين فالمعنى فيه : أنه وجب عليه جزاءان ؛ لأنه قتل الصيدين ؛ فلذلك وجب عليه جزاءان ، ولو قتلهما في نسكٍ واحد لوجب عليه جزاءان ، وليس كذلك القارن ؛ لأنه قتل صيداً واحداً فوجب أن يلزمه جزاء واحد كالمفرد ، وأما قياسهم على القضاء فمنتقض بترك الميقات ، ثم المعنى في القضاء : أنه معتبر بالأداء ، فلما كان مؤدياً لنسكين فوجب أن يكون قاضياً لنسكين ، والجزاء معتبر بالصيد ، فلما كان الصيد واحداً وجب أن يكون الجزاء واحداً .

مسألة : قال الشافعي : رضي الله عنه : ‘ ولو اشتركوا في قتل صيدٍ لم يكن عليهم إلا جزاءٌ واحدٌ وهو قول ابن عمر ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى جماعتهم جزاء واحد ، ولو كانوا مائة ، وهو قول جميع الصحابة وجمهور الفقهاء ، وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وصاحباه : على كل واحد منهم جزاء كامل ، ثم ناقض أبو حنيفة في صيد الحرم فقال : إذا اشترك جماعة في قتل صيد المحرم فعلى جميعهم جزاء واحد ، والكلام في هذه المسألة يشتمل على فصلين :

أحدهما : هل على كل واحد منهم جزاء كامل أم لا ؟

والثاني : هل الجزاء يجري مجرى الكفارات أو ضمان الأموال ، واستدلوا أن على كل واحد منهم جزاءً كاملاً بقوله تعالى : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ( المائدة : 95 ) فعلق الجزاء على شرط القتل بلفظة من ، ولفظة ( من ) إذا علق عليها الجزاء استوى حال الواحد والجماعة في استحقاق ذلك الجزاء كقوله : من دخل داري فله درهم ، فلو دخلها واحد استحق درهماً ولو دخلها مائة استحق كل واحد منهم درهماً كذلك في جزاء الصيد ؛ ولأن كل واحد منهم هتك حرمة إحرامه بالقتل فوجب أن يلزمه جزاء كامل ، كما لو تفرد بالقتل ؛ ولأنها كفارة يدخلها الصوم فوجب أن لا ينتقض قياساً على كفارة القتل ، واستدلوا على أن الجزاء يجري مجرى الكفارات ، دون ضمان الأموال بأن من قتل صيداً لنفسه لزمه الجزاء ، ولو كان يجري مجرى ضمان الأموال سقط عنه الجزاء كسائر أمواله ، ألا ترى أن الدية لما كانت جارية مجرى ضمان الأموال سقطت عن السيد في قتل عبده ، ولما كانت الكفارات مخالفة لها لم تسقط الكفارات عن السيد بقتل عبده ؛ ولأنه لو قتل صيداً مملوكاً لزمه الجزاء والقيمة ، فلو كان الجزاء كالقيمة لم يجتمعا ، ولأن الجزاء يدخل فيه