الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص315
موجباً للجزاء فيه لكان مانعاً من قتل ما أدخل من الصيد إليه موجباً للجزاء فيه ، فلما لم يكن الحرام مانعاً من قتل ما أدخل إليه لم يكن مانعاً من قتل ما دخل فيه ، والدلالة عليه ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الضبع صيدٌ ، وفيه إذا أصابه المحرم كبشٌ ‘ ، فأوجب على المحرم جزاء ما قتل ، ومن دخل الحرم يسمى محرماً ، كما يقال : قد أنجد إذا دخل نجداً ، وأنهم إذا دخل تهامة ، وأحرم إذا دخل الحرم ، قال الراعي :
وإنما سماه محرماً ؛ لأنه كان بالمدينة ، وهي حرم رسول الله ( ص ) ، كما يقال لمن أحل القتال في الحرم محل ، وإن لم يحلل من إحرامه ، وقيل لعبد الله بن الزبير : المحل ؛ لإحلاله القتال فيه ، قال الشاعر في رملة بنت الزبير :
ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم وهو ما روي عن عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس أنهم أوجبوا في حمام مكة شاة ، وإنما أوجبوها على المحل إذ لو كان على المحرم لما اختص بحمام مكة دون غيرها ؛ لأن رسول الله ( ص ) أمر تميم بن أسد الخزاعي عام الفتح يجدد أنصاب الحرم فعلم أنه إنما أمر بذلك لوقوع الفرق بين صديه وصيد غيره وشجره وشجر غيره ؛ ولأن حرمة الحرم قد تكون أوكد من حرمة الإحرام ، لأن الإحرام إنما يراد لدخول الحرم ، فلما وجب جزاء الصيد بحرمة الإحرام كان وجوبه بحرمة الحرم أولى ، فأما الآية فلا تنفي وجوب الجزاء على غير المحرم ، فلم يكن فيها دلالة ، وأما قولهم : إن المحرم لما لم يمنع من قتل ما أدخل إليه لم يمنع من قتل ما دخل فيه ، فغير صحيح ؛ لأن ما أدخل إليه قد سبقت حرمة الملك حرمة الحرم ، فلذلك لم يمنع من قتله ، وليس كذلك ما دخل فيه ؛ لأن حرمة الحرم قد استقرت له ، ألا ترى أنه لو أدخل صيداً الحرم وأطلقه حرم قتله ؛ لأنه قد استقرت له حرمة الحرم بزوال اليد عنه .