پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص314

الأغصان التي لم تستخلف بعد القطع ، فالواجب فيها بقدر ما نقص من قيمتها ، فتقوم الشجرة قبل القطع ، فإذا قيل : عشرة دراهم ، قومت بعد قطع الغصن منها ، فإذا قيل : بتسعة دراهم ، كان النقص منها درهماً وهو العشر ، فيكون ضامناً لذلك ، وفي كيفية ضمانه وجهان :

أحدهما : أنه يضمن العشر بما يجب في تلك الشجرة ؛ فإن كانت كبيرة ضمن عشر بقرة أو بدنة وإن كانت صغيرة ضمن عشر شاة .

والوجه الثاني : أن يضمن الدراهم الناقصة من قيمة الشجرة بالقطع ثم هو بالخيار ، إن شاء تصدق بذلك الدرهم ، وإن شاء اشترى به طعاماً تصدق به ، وأما النبات الذي لم يستخلف بعد قطعه ، فالواجب أن يتصدق عنه بشيء من دراهم أو طعام يعلم أنه قد استوعب جميع قيمته . والله أعلم .

فصل

: فأما حجارة الحرم فيمنع من إخراجها من الحرم ، وكذلك التراب والمدر ؛ لما له من الحرمة المباينة لغيره ، وقد روى الشافعي عن عبد الرحمن بن الحسن عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال : قدمت مع جدتي مكة فأتتها صفية بنت شيبة ، فأكرمتها وفعلت بها ، فقالت صفية : ما أدري ما أكافئها به ، فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجت بها فنزلنا أول منزلٍ فذكر من مرضهم وعلتهم جميعاً ، قال : فقالت لي – وكنت من أمثلهم – : انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها : إن الله وضع في حرمه شيئاً فلا ينبغي أن يخرج منه ، قال عبد الأعلى : فقالوا لي : فما هو إلا أن تحينا دخولك الحرم فكأنما نشطنا من عقلٍ ، قال الشافعي : فإن قال قائل : فالبرام ينفك من الحرم ، فيقال له : هذا خطأ ؛ أليس البرام من الحرم بل يحمل إلى مكة من الحل من مسيرة يومين وأكثر ، فإن أخرج من حجارة الحرم أو من ترابه شيئاً فعليه رده إلى موضعه وإعادته إلى الحرم ، فأما ماء الحرم فلا بأس بإخراجه إلى الحل ؛ لما بالناس من الحاجة إليه في خروجهم ؛ ولذلك لا بأس بإخراج ماء زمزم ، فقد روي أن النبي ( ص ) استهدى من سهيل بن عمرو من ماء زمزم فأهدى إليه مزادتين من ماء زمزم على بعيرٍ وطرح عليه كساءٌ .

مسألة : قال الشافعي : رضي الله عنه : ‘ وسواء ما قتل في الحرم أو في الإحرام ‘ .

قال الماوردي : فهو مضمون بالجزاء تعلقاً بقوله تعالى : ( لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَْنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاء مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ( المائدة : 95 ) فأوجب الجزاء على الحرم والحرم جمع حرام والحرام هو من عقد الإحرام ، فأما من أوى إلى الحرم فلا يقال له حرام ، وإنما يقال له محرم ، قال : ولأن الحرم لو كان مانعاً من قتل الصيد