پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص311

أحدها : أن يكون مما أنبته الله تعالى في الموات كالأراك والسلم ، فقطعه حرام على المحرم والحلال ، وهو مضمون بالجزاء ، وقال مالك وداود : قطعه حرام ولكن لا جزاء فيه ؛ تعلقاً بقوله تعالى : ( لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلَ مَا قتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ، فلما أوجب الجزاء في الصيد ، والشجر ليس بصيد ، وجعل الجزاء مثله من النعم ، والشجر ليس له مثل من النعم ؛ دل على أن الجزاء لا يجب في الشجر ؛ ولأن قطع الشجر لو كان مضموناً في الحرم لكان مضموناً في الحل على المحرم كالصيد فلما لم يكن مضموناً على المحرم لم يكن مضموناً في الحرم ، ودليلنا ما رواه سفيان عن داود بن شابور عن مجاهد عن النبي ( ص ) أنه قال : في الدوحة إذا قطعت من أصلها بقرةٌ ، وكذلك روي عن عطاء ، لكن لم يذكره الشافعي ، وروي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا في الشجرة بقرةٌ ، وليس لهما في الصحابة مخالف ؛ ولأنه أتلف ما منع من إتلافه لحرمة الحرم فوجب أن يلزمه الجزاء كالصيد ، فأما استدلالهم بالآية فلا حجة فيها ؛ لأنها توجب الجزاء في قتل الصيد ولا تمنع من وجوبه في غير قتل الصيد ، وأما شجر الحل فإنما كان غير مضمون على المحرم ؛ لأنه غير مممنوع من إتلافه ، وليس كذلك شجر الحرم .

فصل

: والضرب الثاني : أن يكون الشجر مما غرسه الآدميون في أملاكهم ، كالنخل والكرم والرمان والأترج ، فقطع هذا مباح ، كالنعم التي يجوز ذبحها في الحرم ، فإن قطعه مالكه فلا ضمان عليه ، وإن قطعه غير مالكه فعليه قيمته لمالكه ولا جزاء فيه كمن ذبح شاة غيره فعليه قيمتها ولا جزاء عليه فيها :

فصل

والضرب الثالث : أن يكون الشجر مما أنبته الله تعالى في الأملاك دون الموات ، فقطعه حرام ، وهو مضمون بالجزاء فإن قطعه مالكه كان عليه جزاؤه ، فإن قطعه غير مالكه كان عليه قيمته لمالكه ، وجزاؤه للفقراء ، كمن قتل صيداً مملوكاً ، كان عليه قيمته وجزاؤه ، وقد روى ابن جريج عن مزاحم أن عبد الله بن عامر كان يقطع الدوحة من داره بالشعب ويغرم عن كل دوحة بقرة .

فصل

: والضرب الرابع : أن يكون ما غرسه الآدميون في الموات دون الأملاك ، ففي وجوب الجزاء فيه وجهان :

أحدهما : لا جزاء فيه ؛ لأن ما كان من غرس الآدميين فهو كالحيوان الأهلي ، والحيوان الأهلي لا جزاء فيه بحال ؛ فكذلك غرس الآدميين لا جزاء فيه بحال ، وهذا قول أبي حنيفة .