پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص307

وبرواية عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ هل ضربتم أو أعنتم أو أشرتم ، قالوا : لا قال : فكلوا ‘ ، فجمع رسول الله ( ص ) بين الضرب وبين الإشارة في الاستفهام وأباح الأكل بعدهما فدل على اشتراكهما في الحكم ، ثم كان الضرب موجباً للجزاء ، فوجب أن تكون الإشارة بالدلالة موجبةً للجزاء ؛ ولأن الدلالة كسب أفضى إلى قتل الصيد فوجب أن يتعلق به ضمان الصيد كالشبكة إذا طرحها ، والأحبولة إذا نصبها ؛ ولأنه تسبب ، فحرم به أكل الصيد بحرمة الإحرام ، فوجب أن يلزم به الضمان كالقتل ؛ ولأن الصيد قد يضمن بالتسبب كما يضمن بالمباشرة ؛ لأن حافر البئر يضمن ما وقع فيها من صيد ، كما يضمن بالمباشرة ، وإذا استوى التسبب والمباشرة في وجوب الضمان وجب أن تستوي الدلالة والقتل في وجوب الضمان ؛ لأن الدلالة سبب والقتل مباشرةٌ .

والدلالة عليه قوله : ( فَجَزَاء مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ، فعلق الجزاء بالقتل ، فاقتضى ألا يجب الجزاء بعدم القتل ؛ ولأنها نفس مضمونة بالجناية فوجب ألا تضمن بالدلالة كالآدمي ، ولأنه صيد توالى عنه جناية ودلالة ، فوجب أن يضمن بالجناية ولا يضمن بالدلالة كصيد المحرم ؛ ولأن الصيد قد يجتمع فيه حقان : حق الله تعالى وهو الجزاء ، وحق الآدمي وهو القيمة إذا كان مملوكاً ، فلما لم يجب حق الآدمي بالدلالة فكذلك لا يجب حق الله تعالى بالدلالة ؛ ولأن الصيد لا يضمن إلا بأحد ثلاثة أشياء : إما باليد أو بالمباشرة أو بالتسبب ، فاليد أن يأخذ صيداً فيموت في يده فيضمن ، والمباشرة أن يباشر قتله فيضمنه ، والتسبب أن يحفر بئراً فيقع فيها الصيد فيضمن .

والدلالة ليست يداً ولا مباشرة ولا سبباً ؛ لأنها لو كانت سبباً يجب بها الضمان ، لوجب إذا انفردت أن تكون سبباً يجب الضمان ، فوجب ألا يتعلق بالدلالة ضمان ، فأما الجواب عن قوله : ‘ الدال على الخير كفاعله ‘ فهو أن المقصود بهذا الحديث الخبر والإرشاد إليه ، فلم يجز أن يستدل به في غير ما وضع له ، ولو اعتمد على ظاهر لفظه لم يصح الاستدلال به من وجهين :

أحدهما : أنه جعل الدال على الخير كفاعله ، وليست الدلالة على الصيد خيراً ، فوجب أن لا يكون كفاعله .

والثاني : أنه لما شبه الدال بالفاعل دل على أنه ليس بفاعل ، فوجب أن لا يتعلق على الدال ضمان ؛ لأنه لما لم يكن منه فعل يوجب الضمان ، ويجمع بين الدال والقاتل في الإثم ، لأن الإثم قد يجب بالفعل وغير الفعل ، وأما حديث أبي قتادة فلا حجة فيه ، لأنهم سألوه