پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص306

فصل

: فإذا تقرر هذا فإن أكل المحرم صيداً لم يقتله المحل لأجله ولا بمعونته فقد أكل حلالاً ولا شيء عليه ، وإن أكل المحرم من صيدٍ قتله المحل لأجله أو بمعونته فقد أكل حراماً وهل عليه جزاء ما أكل أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : عليه الجزاء وبه قال في القديم ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) ، فدخل في ذلك قتله وأكله ، فلما كان في قتله الجزاء ؛ لتحريم قتله عليه وجب أن يكون في أكله الجزاء ؛ لتحريم أكله عليه فعلى هذا في كيفية الجزاء ثلاثة أوجهٍ :

أحدهما : أن يكون ضامناً لمثله لحماً من لحوم النعم يتصدق به على مساكين الحرم .

والثاني : أنه يكون ضامناً لمثله من النعم فيضمن من مثله بقدر ما أكل من لحمه ، فإن كان قد أكل عشر لحمه لزمه عشر مثله .

والوجه الثالث : أن يكون ضامناً لقيمة ما أكل دراهم يتصدق بها إن شاء أو يصرفها في طعام يتصدق به إن شاء .

والقول الثاني : لا جزاء عليه وبه قال في الجديد والإملاء ؛ لأن ما قتله المحرم بنفسه أغلظ تحريماً مما قتله المحل لأجله ، فلما لم يجب عليه الجزاء في أكل ما قتله بنفسه فأولى ألا يجب عليه الجزاء في أكل ما قتله لأجله .

وتحرير ذلك قياساً أنه أكل لحم صيدٍ محرمٍ ، فوجب ألا يلزمه جزاؤه كما لو قتله محرمٌ ولأن قتل الصيد أغلظ من أكله ؛ لأن المحرم إذا قتل صيداً لزمه الجزاء بقتله ، ولم يلزمه الجزاء بأكله ، فلما ثبت أن قتل هذا الصيد لا يجب فيه جزاء ؛ فأكله أولى ألا يجب فيه جزاءٌ .

وتحرير ذلك قياساً أنه صيدٌ لم يضمن قتله بالجزاء ، فوجب ألا يضمن أكله بالجزاء أصله إذا أكله محرمٌ ولم يصد له وهذا أصح القولين . والله أعلم .

مسألة : قال الشافعي : ( رضي الله عنه ) : ‘ ولو دل على صيدٍ كان مسيئاً ولا جزاء عليه كما لو أمر بقتل مسلم لم يقتص منه وكان مسيئاً ‘ .

قال الماوردي : هذا كما قال إذا قتل المحرم صيداً بدلالة غيره فالجزاء على القاتل دون الدال ، وقال أبو حنيفة : الدال على الصيد كالقاتل ، فإن كانا محرمين فعلى كل واحدٍ منهما الجزاء ، وإن كان الدال محرماً والقاتل حلالاً فالجزاء على الدال دون القاتل ، وإن كان القاتل محرماً ، والدال حلالاً فالجزاء على القاتل دون الدال واستدل على ذلك بقوله ( ( ص ) ) : ‘ الدال على الخير كفاعله ‘ فجمع بين الدلالة والفعل ، فدل على اجتماعهما في الحكم ،