الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص304
وأما قياسهم على الجزاء فالمعنى في الجزاء أنه مضمون عليه بالإتلاف ؛ فلذلك كان مضموناً عليه بالأكل ، ولما كان لحم الصيد غير مضمون عليه بالإتلاف كان غير مضمونٍ عليه بالأكل .
وأما قياسهم الأكل على القتل فباطل بالصيد الميت في يده فيضمنه بالموت ولا يضمنه بالأكل ، على أن المعنى في القتل حصول الإتلاف به وعدم النماء بوجوده وليس كذلك الأكل بعد القتل .
أحدهما : أنه حلال لغير قاتله من المحلين والمحرمين ويكون ذلك ذكاةً لغير قاتله من المحلين ، وهو قوله في القديم ؛ لأنه من أهل الذكاة في غير الصيد ، فوجب أن يكون من أهل الذكاة في الصيد كالحلال طرداً والمجوسي عكساً ؛ ولأنه حيوانٌ يصح فيه ذكاة المحل ؛ فوجب أن تصح فيه ذكاة المحرم كالنعم طرداً وغير المأكول عكساً ، ولأن المحرم ممنوعٌ من ذكاة الصيد لعارض يختص ببعض الحيوان ، والمنع من الذكاة لعارضٍ يختص ببعض الحيوان لا يمنع من وقوع الذكاة كالغاصب يمنع من ذكاة ما غصبه وتصح منه ذكاته فكذلك المحرم .
والقول الثاني : أنه ميتةٌ لا يحل أكله لمحل ولا لمحرمٍ وهو قوله في الجديد وبه قال أبو حنيفة .
ووجه ذلك أنها ذكاةٌ ممنوع منها لحق الله تعالى فوجب ألا تقع بها الإباحة كذكاة المجوسي ؛ لأنها ذكاةٌ لا تبيح المذكى بوجه ، فوجب ألا تبيح غير المذكى بكل وجهٍ قياساً على ذكاة ما لا يؤكل لحمه ولأنه صيد مضمون بالجزاء فوجب أن يحرم أكله قياساً على قاتله .
فإذا تقرر توجيه القولين فلا جزاء على أكله سواءٌ قلنا بتحليله أو بتحريمه والله أعلم .
قال بعض الناس ؛ هو حرامٌ على المحرم بكل حالٍ ، وقد حكي هذا القول عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : ، وقال أبو حنيفة : هو حلالٌ للمحرم ، وإن صيد من أجله أو أعان على قتله ، إلا أن يكون القاتل لا يصل إلى قتله إلا بمعونته مثل أن يدل القاتل