الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص296
وجهين : نقص صغرٍ ، ونقص عيب ، فلما كان نقص الصغر معتبراً في المثل وجب أن يكون نقص العيب معتبراً في المثل ، فإذا ثبت أن ذلك معتبر في المثل ، فإن كان الصيد أعور اليمنى فداه بمثله من النعم أعور اليمنى ، فإن فداه بأعور اليسرى دون اليمنى ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجزئه بحال ، ويكون متطوعاً به ؛ لأن اختلاف المعيب يجري مجرى اختلاف الجنس ؛ لاعتباره في المثل ، فلما ثبت أنه لو وجب عليه المثل من جنس فأخرج من غيره لم يجزه كذلك إذا وجب عليه المثل معيباً فأخرجه بعيب غيره لم يجزه .
والوجه الثاني : أنه يجزئه لأن اختلاف العور ليس بنقص داخل على الفقراء ؛ لأن قدر لحمه إذا كان أعور اليسرى كقدر لحمه إذا كان أعور اليمنى ، وليس كذلك اختلاف أجناسه ؛ لأنه قد يدخل على الفقراء إضرار به .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ( قال ) ويفدي الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى وقال في موضع آخرٍ ويفدي بالإناث أحب إليّ ‘ .
قال الماوردي : أما الواجب في الجزاء فهو أن يفدي الذكر بالذكر ، والأنثى بالأنثى اعتباراً بالمثل ؛ لقوله تعالى : ( فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ، فإن فدى الذكر بالأنثى وهو أن يقتل صيداً ذكراً يفيده بمثله من النعم أنثى فيجزئه ذلك لا يختلف ، ولكن اختلف أصحابنا : هل ذلك أفضل أم هما سواءٌ بأن اعتبروا حال المفتدي فإن أراد تقويم الأنثى في الجزاء دراهم ، ويشتري بالدراهم طعاماً فتقويم الأنثى أفضل لا يختلف ، لأنها أكثر ثمناً وأزيد في الطعام أمداداً ، وأزيد في الصيام أياماً ، فلو لم يرد تقويم الأنثى من المثل وإنما أراد ذبح الأنثى ، فهل ذلك أفضل وأولى أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : أنها أفضل ؛ لأنها أرطب لحماً ، وبه قال أبو علي ابن أبي هريرة .
والقول الثاني : أنها ليست بأفضل من الذكر من الذكر وإن أجزأت لأن لحمها قد يتقاربان ، وبه قال أبو إسحاق المروزي ، فأما إذا كان الصيد المقتول أنثى ففداه بمثله من النعم ذكراً ، ففي جوازه وجهان لأصحابنا :
أحدهما : لا يجزئه ؛ لأن الأنثى أرطب لحماً من الذكر فلم يجز أن يفدي الأنثى بالذكر .
والوجه الثاني : يجزئه ؛ لأن الذكر قد يكون أكثر لحماً من الأنثى .