الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص295
الأموال ، ألا ترى أن من أتلف على آدمي عجلاً صغيراً لم يجب عليه ما يجب على من أتلف على آدمي ثوراً كبيراً .
وتحرير ذلك قياساً أن نقول : لأنه ضمان مختلف باختلاف الأجناس فوجب أن يختلف باختلاف الأسنان كسائر الأموال ، فأما الجواب عن استدلالهم بالآية ، وأن الله تعالى جعل الجزاء هدياً ، فللشافعي في الهدي إذا أطلق قولان :
أحدهما : أنه يتناول ما يطلق عليه الاسم ولو بيضة ، نص عليه في القديم ، فعلى هذا الاستدلال به ساقط .
والثاني : يقتضي ما يجزئ في الأضاحي ، وبه قال في الجديد ، فعلى هذا إنما يقتضي ما يجوز في الأضاحي إذا كان لفظ الهدي مطلقاً ، والهدي المذكور في الآية مقيد بالمثل ، فحمل على تقييده دون ما يقتضيه إطلاق لفظه .
وأما الجواب عن حكم الصحابة رضي الله عنهم من غير مسألة عن صغير أو كبير ؛ فلأن مفهوم السؤال يغني عن الاستفهام ؛ لأن السائل عن جزاء النعامة يفهم عنه أنه لم يرد فرخ النعامة ، وكذا في سائر الصيد ؛ فلذلك لم يحتج إلى المسألة .
وأما قياسهم على الرقبة في الكفارات فالمعنى فيها أنها لا تجب باليد وإنما تجب بالجناية ، والجزاء باليد والجناية ، وأما قولهم : إنه لا يخلو أن يجري مجرى الكفارات أو مجرى الديات ، فالجواب أن يقال : قد يخلو من هذين ؛ لأنه يجري مجرى أموال الآدمين ، على أنهم إن ردوه إلى الكفارات فقد ذكرنا الفرق بينهما ، وإن ردوه إلى الديات كان الفرق بينهما أن الديات لما لم تختلف باختلاف الأجناس والأنواع حتى كانت دية العربي كدية القبطي ، ودية الشريف كدية الدنيء ، ودية الأسود كدية الأبيض ، لم يختلف باختلاف الأسنان ، ولما كان الجزاء مختلفاً باختلاف الأجناس ، اختلف باختلاف الأسنان ، والله أعلم .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإذا أصاب صيداً أعور أو مكسوراً فداه بمثله والصحيح أحب إلي وهو قول عطاءٍ ‘ .
قال الماوردي : وجملة ذلك : أن المثلية في جزاء الصيد معتبرة من الوجوه كلها ، فإذا قتل صيداً أعور أو أعرج فداه بمثله من النعم أعور أو أعرج ، وإن كان لو فداه بالصحيح كان أولى لكماله ، غير أنه يجوز بمثله أعور أو أعرج ، وقال بعض أصحابنا : لا يجوز أن يفديه بمعين مثله ، وعليه أن يفديه بصحيح ، ويشبه أن يكون هذا مذهب مالك ؛ لأنه تجري عنده مجرى الكفارات ، وهذا خطأ ؛ لقوله تعالى : ( فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ( المائدة : 95 ) فمثل الأعور أعورٌ ، وليس الصحيح مثلاً له ؛ ولأن النقص قد يعتور الصيد من