الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص290
فالجواب : أن الآية إنما تناولت من الصيد ما له مثل من النعم دون ما لا مثل له ، وإنما وجبت القيمة فيما لا مثل له بالاستدلال من الكتاب والسنة والآثار ، نص الشافعي على ذلك في كتاب ‘ الأم ‘ ، فلم يسلم الاستدلال ، فإن حرروه قياساً على العصفور ، فالمعنى في العصفور أنه لا مثل له من النعم ؛ فلذلك وجبت فيه القيمة ، فأما ما له مثل من النعم فالواجب فيه المثل من النعم دون القيمة ، كما أن أموال الآدميين تجب بإتلاف ما له مثل مثله دون قيمته ، وبإتلاف ما لا مثل له القيمة .
وأما قياسهم على أموال الآدميين فباطل بقتل الحد خطأ ؛ لأنه لا يضمن بالمثل لسقوط القود ولا بالقيمة لوجوب الدية وليست الدية قيمةً لكونها إبلاً ثم لم يسلم من هذا القدح ولم يصح الجميع بينهما من الوجه الذي ذكروا ؛ لأن حق الله تعالى يضمن بالمال وغير المال وهو الصيام وليس كذلك حق الآدميين فاختلفا .
وأما قولهم : إن إيجاب بدلين مختلفين في متلفٍ واحدٍ ممتنع في الأصول .
فالجواب : أن ذلك يمتنع في الأصول إذا كانت جهة ضمانها واحدةً ، فأما مع اختلاف جهة ضمانها فلا يمتنع اختلاف البدل فيهما كالقتل يضمن ببدلين مختلفين الدية والكفارة ، على أنه لما لم يمتنع وجوب بدلين في متلفٍ واحدٍ ، وإن كان فيه مخالفة الأصول لم يمتنع أن يختلف البدلان وإن كان فيه مخالفة الأصول .
قال الماوردي : وهذا كما قال : الحيوان كله ضربان : إنسيٌّ ووحشيٌّ .
فأما الإنسي الأصلي فحكم المحرم فيه كحكم المحل ، وأما الوحشي فضربان مأكولٌ ، وغير مأكول .
فأما غير المأكول فيأتي ، وأما المأكول فضربان : بريٌّ وبحريٌّ .
فأما البحري فيأتي وأما البري فضربان : دواب وطائرٌ :