الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص283
والثاني : وهو قول سعيد بن المسيب ما تزود به مملوحاً وفيه تأويل ثالث حكاه الشافعي – رضي الله عنه – عن بعض أهل التفسير في كتاب ‘ اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ‘ ‘ أن طعامه كل ما فيه ‘ وهذا أعم التأولين ، فكانت هذه الآية دالة على تحريم قتل الصيد دون إيجاب الجزاء فيه ودل على تحريمه من السنة رواية ابن عباس قال : أخبرني الصعب بن جثامة قال : أهديت لرسول الله ( ص ) لحم حمارٍ وحشي وهو بالأبواء – أو بودان – فرده عليه فلما رأى الكراهة في وجهي قال : ‘ إنه ليس منا رد عليك ولكنا حرمٌ ‘ .
أحدها : إيجاب الجزاء على العامد .
والثاني : إيجاب الجزاء على الخاطئ .
والثالث : إيجاب الجزاء على العائد .
فأما العامد من قتله وهو : أن يتعمد قتله مع ذكره لإحرامه فالجزاء عليه واجب ، وقال مجاهد : لا جزاء على العامد في قتله ، وإن قتله ذاكراً لإحرامه إلا أن يكون عامداً من قتله ناسياً لإحرامه أو خاطئاً في قتله ذاكراً لإحرامه أو خاطئاً في قتله ناسياً لإحرامه ، فيجب عليه الجزاء . فأما العامد فيها لا جزاء عليه قال : لأن الله توعده بالعقوبة بقوله تعالى : ( فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( المائدة : 94 ) فلم يجز أن يجمع بين الوعيد بالعقوبة وبين التكفير بالجزاء والدلالة عليه قوله تعالى : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمَِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ( المائدة : 95 ) فأوجب الجزاء على العامد ، ولم يفرق بين عامد في القتل ذاكر للإحرام ، وبين عامد للقتل ، ناسٍ للإحرام ، فكان الظاهر يقتضي عموم الأحوال ، ولأن الكفارة تتغلظ بأعظم الإثمين وتخف بأدونهما فلما وجبت بالخطأ كان وجوبها بالعمد أولى وتحرير ذلك قياساً : إنها نفس مضمونة بالتكفير خطأ ، فوجب أن تكون مضمونة بالتكفير عمداً للآدمي ، وما ذكره من الوعيد لا يمنع وجوب الكفارة للآدمي .