پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص279

الثلث ولا يجوز أن يحج بها وارث لأن فيها وصية لا تصح لوارث فلو قال الوارث أنا أحج عنه بأجرة المثل دون الزيادة فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون الثلث لا يحتمل شيئاً من الزيادة لإحاطة الديون بالتركة فيجوز أن يحج عنه الوارث لبطلان قدر الوصية واستواء الوارث وغيره فيما عدا الوصية .

والضرب الثاني : أن يكون الثلث محتملاً للزيادة أو بعضها ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي إن الوارث يجاب إلى ذلك فيحج عنه بأجرة المثل وتبطل الوصية بالزيادة لأن المقصود بالوصية إسقاط الفرض بالمسمى فإذا أسقط ببعض المسمى كان أولى .

والوجه الثاني : وهو الصحيح عندي أنه لا يجوز إجابة الوارث إلى ذلك ويستأجر غيره بجميع المائة لأن مع الحج وصية لا تصح للوارث يجب صرفها إلى غيره والوصايا إذا أمكن نفاذها لم يجز إبطالها فهذا الكلام فيمن مات وعليه حجة واجبة إما حجة الإسلام أو حجة نذر أو قضاء .

فصل

: فأما إذا مات وقد أدى فرض الحج ولم يكن قد وجب عليه الحج فوصى أن يحج عنه متطوعاً ففي صحة وصيته وجوازه النيابة عنه في تطوعه قولان منصوصان نص عليهما في الأم :

أحدهما : أنها وصية صحيحة والنيابة عنه في تطوعه جائزة وقد مضى توجيه القولين في أول الكتاب فإن قلنا ولم يجز النيابة عنه ببطلان الوصية سقط حكمها فيها وإن قلنا بصحة الوصية لم يخل حاله من أربعة أقسام :

أحدها : أن يعين من يحج عنه ويعين القدر الذي يحج به فيقول أحجوا عني زيداً بمائة دينار فلا يخلو حال زيد من أحد أمرين إما أن يكون أجنبياً أو وارثاً فإن كان أجنبياً صحت له الوصية وكان جميع الوصية في الثلث لأنها تطوع فإن قيل الوصية حج عنه بجميع المائة أو بما احتمله الثلث من المائة وإن رد الوصية بالحج ولم يقبلها ففي بطلان الوصية وجهان :

أحدهما : قد بطلت الوصية لأن الوصية إذا تعلقت بعين لم يجز صرفها إلى غير تلك العين كما لو أوصى إلى رجل بمائة فلم يقبلها لم يجز صرفها إلى غيره والوجه الثاني أنها لا تبطل لأنها في مقابلة عمل يعاوض عليه فلم يكن تعينها في شخص مانعاً من نقلها إلى غيره عند عدم قبوله كمن وصى ببيع عبده على زيد ويتصدق بثمنه فامتنع زيد من ابتياعه لم تبطل الوصية وبيع إلى غيره فعلى هذا هل تصرف جميع المائة في غيره أو يصرف أقل ما يوجد من يحج به على وجهين :