پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص276

الإجارة لا يستحق المسمى وإنما يستحق أجرة المثل وهذا غلط من المزني لأن الشافعي إنما جعل له المائة لأنها جعالة وليست إجارة والجعالة تصح مع الجهل بالعامل فيها فلو قال أول من يحج عني فله ما شاء فهذه جعالة فاسدة للجهل بالعوض فيها فإن حج عنه آخر كان الحج واقعاً على المحجوج عنه وكان له أجرة المثل لأن العمل المأذون فيه بالجعالة الفاسدة عليه أجرة المثل كالمثل فيه بالإجارة الفاسدة .

فصل

: إذا قال لرجل بعينه حج عني ولك مائة صح ذلك وكانت جعالة معينة فإذا حج عنه أجزأه واستحق المائة فلو قال قد استأجرتك بمائة درهم لتحج عني أو تعتمر فهذه إجارة فاسدة للجهل بالعمل فإن حج الأجير أو اعتمر فله أجرة المثل ولكن لو قال حج عني أو اعتمر ولك مائة كانت هذه جعالة صحيحة وليست إجارة وإنما صحت هذه الجعالة ولم تصح أن لو كانت إجارة لأن الجهالة بالعمل لا يبطل الجعالة فلذلك صحت والجهالة بالعمل تبطل بالإجارة فلذلك بطلت فلو قال حج عني بنفقتك فهذه جعالة فاسدة للجهل بالعوض لأن العوض لا بد أن يكون معلوماً في الجعالة والإجارة وإنما يختلفان في العمل فإن حج كان الحج واقعاً عن المحجوج عنه وله أجر مثله .

فصل

: فأما الإجارة على زيارة قبر النبي ( ص ) فباطلة لأنه عمل غير مضبوط بوصف ولا يقدر بشرع فأما الجعالة على زيارة القبر فإن وقعت الجعالة على نفس الوقوف هناك عند القبر ومشاهدته لم تصح أيضاً لأن ذلك مما لا تصح فيه النيابة عن الغير وإن وقعت الجعالة على الدعاء عند زيارة قبر النبي ( ص ) كانت الجعالة صحيحة لأن الجهل بالدعاء لا يبطلها والدعاء مما تصح فيه النيابة لقوله ( ص ) : ‘ يلحق الميت من فعل غيره ثلاث حج يؤدى ودين يقضى وولدٌ صالحٌ يدعو له ‘ .

مسألة

: قال الشافعي : رضي الله عنه : ‘ ولو أوصى أن يحج عنه وارثٌ لم يسم شيئاً أحج عنه بأقل ما يوجد أحد يحج به فإن لم يقبل أحج عنه غيره ولو أوصى لرجلٍ بمائة دينار يحج بها عنه فما زاد على أجر مثله فهو وصيةٌ له فإن امتنع لم يحج عنه أحدٌ إلا بأقل ما يوجد به من يحج عنه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا مات الرجل وعليه حجة واجبة فلا يخلو حاله من أحد أمرين إما أن يوصي بإخراجها عنه أو لا يوصي فإن لم يوص بإخراجها عنه وجب عنه وارثه أن يستأجر من يحج عنه من رأس ماله بأقل ما يوجد من ميقات بلده وسواء حج عنه وارث أو غير وارث وإن أوصى بإخراجها عنه فعلى أربعة أقسام :

أحدها : أن يعين من يحج عنه ويعين القدر الذي يحج به عنه .

والثاني : أن لا يعينها جميعاً .