الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص275
والشيء الثاني : أنه لو جاز لغيره البناء على عمله ميتاً لجاز لغيره البناء على عمله حياً فلما لم يجز البناء على عمل الأجير إذا كان حياً لم يجز البناء على عمله إذا كان ميتاً .
فصل
: فإذا تقرر هذان القولان فإن قلنا بقوله في الجديد إنه لا يجوز لغيره البناء على عمله فالواجب أن يستأجر من تركته من يستأنف الإحرام بالحج عن المستأجر وعلى المستأجر الأجرة المسماة لورثة الأجير ولا شيء للأجير فيما عمله بنفسه لأنه لم يقع به اعتداد ولا يسقط به فرض وإن قلنا بقوله في القديم إنه يجوز لغيره البناء على عمله نظر فإن مات الأجير قبل الوقوف بعرفة استؤجر من يستأنف عنه الإحرام بالحج ويقف بعرفة لأن الوقوف بعرفة لا يعتد به إلا بعد تقدم الإحرام عليه فإن كان الأجير قد سعى قبل عرفة لم يعد النائب عنه السعي بعد عرفة لأنه يبني على عمله ويأتي فيه بباقيه وإن لم يكن سعى قبل عرفة فعلى النائب عنه أن يسعى بعد عرفة وبعد الطواف ويأتي بباقي المناسك من الرمي والمبيت وإن مات الأجير بعد الوقوف بعرفة وقبل الطواف والسعي أحرم النائب عنه وأتى بأعمال العمرة وسواء كان النائب عنه وارثاً أو أجنبياً مستأجراً ولا يجوز أن يكون إلا محلاً نص عليه الشافعي لأن المحرم لا يصح عنه الإحرام عن غيره فإن قبل فكيف تكون نيته في إحرامه قيل لا يجوز أن ينوي الإحرام بالحج لأن لا يلزمه الإتيان بجميع أركان الحج ومناسكه ولا ينوي الإحرام بالعمرة لأنها ليست من الحج ولا يجزئ عن شيء من أركانه ولكن ينوي الإحرام لما بقي على الأجير من أركان الحج لأنه يقوم مقامه في إتمام باقيه .
فصل
: فأما إذا أحرم الأجير بالحج ثم أحصر بعدو فله أن يتحلل من إحرامه فإن فاته الوقوف وأمكنه أن يتحلل بالطواف والسعي تحلل به وإن لم يكن التحلل بالطواف والسعي تحلل بالهدي والحلاق وما فعله بعد الإحصار لتحلله من الطواف والسعي أو النحر والحلاق لم يستحق عليه شيئاً من الأجرة لأنه فعله لتحلله لا عن مستأجره فأما ما فعله قبل الإحصار من أعمال الحج فهل يستحق بقسيطه من الأجرة بقدره ؟ وهل تبطل الإجارة على ما مضى في موت الأجير سواء والله أعلم .
فصل
: قد مضى الكلام في الإجارة على الحج فأما الجعالة على الحج فجائزة كالإجارة لأن الجعالة أوسع حكماً من الأجارة لجوازها من غير تعيين العامل فيها ومع الجهل بالعمل المقصود بها لأنه لو قال من جاءني بعبدي الآبق فله دينار كان ذلك جائزاً وإن كان مكان ذلك العبد مجهولاً والجائي به مجهولاً ولا تصح الإجارة على مثل هذا فلما صحت الإجارة على الحج مع ضيق حكمها فالجعالة أولى أن تصح لسعة حكمها فإذا صح هذا فقد قال الشافعي فيما نقله المزني عنه في مسائله المنثورة ولو قال : أو من يحج عني فله مائة دينار فبادر رجل فحج عنه استحق المائة ووقع الحج عن المحجوج عنه وقال المزني هذا غلط يجب أن يكون له أجرة المثل لأن الأجير إذا لم يعين فسدت الإجارة ومع فساد