پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص272

فإذا تقرر أن يحج قد انتقل بالفساد عن المستأجر إلى الأجير فعليه المضي في فساده ، لأن فساد الحج يوجب المضي فيه ثم عليه قضاء الحج عن نفسه ، لأن قضاء فاسد الحج واجب وقال أبو إبراهيم المزني في مسائله المنثورة : لا قضاء عليه ؛ لأنه لم يفسد حج نفسه وإنما أفسد حج غيره والإنسان لا يلزمه قضاء حج فسد على غيره وهذا غلط لأنا قد دللنا على أن الحج ينقلب بالفساد عن المستأجر إلى الأجير وإذا صار الحج عنه دون مستأجره لزمه قضاؤه لأنه من أفسد حجه لزمه القضاء .

فصل

: فإذا ثبت أن قضاء الحج واجب عليه فلا يخلو حال الإجارة من أحد أمرين : إما أن تكون معينة في الذمة فإن كانت معينة فقد بطلت لفوات وقتها وإن كانت في الذمة لم تبطل ؛ لأن العقود المستقرة في الذمم لا تبطل بالتأخير كالسلم فإن كان الحج عن حي كان بالخيار بين أن يقيم على الإجارة وبين أن يفسخ ، فإن فسخ كان ذلك له وعلى الأجير أن يحج قضاء عن نفسه وإن أقام على الإجارة فعلى الأجير أن يقدم حج القضاء على حج الإجارة لأن من وجب عليه الحج لا يجوز أن يؤدي عن غيره الحج فإن أحرم بالحج عن المستأجر كان واقعاً عن نفسه وحج الإجارة باق في ذمته ؛ هذا إن كان الحج عن حي فأما إن كان الحج عن ميت فعلى وليه أن يفسخ العقد ويسترجع الأجرة ليستأجر غيره فإن قيل : فقد قلتم إن الأجير لو أخر الحج عن الميت في عامه لم يكن لوليه فسخ الإجارة وأوجبتم هاهنا على وليه أن يفسخ الإجارة فما الفرق بينهما قلنا الفرق بينهما أن الأجير إذا أخر الحج عن الميت في عامه أمكنه أن يحج عن الميت في العام الثاني وليس حكم الولي إن فسخ الإجارة أن يستأجر من يحج عنه قبل ذلك فلم يكن لفسخه مع العقد معنى وليس كذلك حال الأجير إذا أفسد حجه ؛ لأنه لا يمكنه أن يحج عن الميت في العام الثاني لأجل ما وجب عليه من القضاء بالإفساد ويمكن للولي أن يستأجر من يحج عن الميت في العام الثاني وإذا أمكن تقديم الحج عن الميت لم يجز تأخيره لذلك ما افترق حكمهما والله أعلم .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو لم يفسد فمات قبل أن يتم الحج فله بقدر عمله ولا يحرم عن رجلٍ إلا من قد حج مرة ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح وجملة ذلك أن من استؤجر ليحج عن ميت فمات لم تخل حال موته من ثلاثة أقسام : إما أن يموت قبل الإحرام أو يموت بعد كمال الأركان ، أو يموت بعد الإحرام وقبل كمال الأركان .

فأما القسم الأول : وهو أن يموت قبل الإحرام فعلى وجهين :

أحدهما : أن يموت قبل التوجه في سفره وقبل الحصول بميقاته فمذهب الشافعي أنه لا يستحق بسفره شيئاً عن الأجرة ؛ لأن قطع المسافة إنما يراد للعمل فإذا لم يقترن به عمل لم