پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص252

عبده من فعل ما يعين عليه من الواجبات كالصلوات المفروضات ؛ ولأنه عقد لازم عقده بإذن سيده فلم يكن له فسخه عليه كالنكاح ، فلو رجع السيد عن إذنه قبل إحرام العبد فلم يعلم العبد برجوعه حتى أحرم بالحج فإحرامه منعقد وهل للسيد منعه منه أم لا ؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قوليه في الوكيل إذا انصرف في قصاص أو غيره بعد عزل موكله وقبل علمه هل يكون تصرفاً باطلاً وعملاً مضموناً أم لا ؟ فأحد القولين إن وكالته تبطل برجوع الموكل وإن لم يعلمه الوكيل ويكون تصرفه باطلاً وعمله مضموناً فعلى هذا يكون إحرام العبد بعد رجوع سيده وقبل علمه كإحرامه بعد علمه فيكون للسيد منعه .

والثاني : إن الوكالة لا تبطل إلا برجوع الموكل وعلم الوكيل ويكون تصرفه قبل علمه ماضياً وعمله غير مضمون فعلى هذا يكون إحرام العبد بعد رجوع سيده وقبل علمه كإحرامه قبل رجوعه فلا يكون للسيد منعه .

فصل

: إذا أحرم العبد بغير إذن سيده ثم إن السيد أذن له في إتمام حجه فليس له أن يمنعه من إتمامه ويكون كالمحرم بإذن . فلو أذن له في الإحرام بحجة مفردة فقرن في إحرامه بين الحج والعمرة كان قراناً صحيحاً ولم يكن للسيد منعه منه ، لأن أعمال القارن كأعمال المفرد ولو أذن له أن يحرم بالحج في ذي الحجة فأحرم قبله في ذي القعدة كان للسيد منعه ، لأنه شغل نفسه عن تصرف سيده في زمان لم يأذن له فيه .

فصل

: إذا أحرم العبد بحج أو عمرة ثم باعه السيد كان بيعه جائزاً بخلاف بيع المؤاجر في أحد القولين ؛ لأن العبد المؤاجر مملوك المنفعة وعليه للمستأجر يد حائلة فلم يجز بيعه في أحد القولين والعبد المحرم غير مملوك المنفعة ولا عليه يد حائلة فجاز بيعه قولاً واحداً وإذا كان ثابتاً لم يخل حال العبد في إحرامه من أحد أمرين : إما أن يكون بإذن سيده أو بغير إذنه فإن كان بإذن سيده لم يخل حال المشتري من أحد أمرين : إما أن يكون عالماً بإحرامه قبل الشراء أو غير عالم فإن كان عالماً بإحرامه فلا خيار له كما لو اشترى عبداً معيباً وهو عالم بعيبه وإن كان غير عالم بإحرامه فله الخيار في إمضاء البيع أو فسخه ، فعلى هذا لو لم يعلم بإحرامه حتى أحل منه ففي خياره وجهان :

أحدهما : لا خيار له اعتباراً بالحال .

والثاني : له الخيار اعتباراً بما وجب ، وإن كان العبد قد أحرم بغير إذن سيده فلا خيار للمشتري في فسخ البيع لقدرته على دفع الضرر عن نفسه يمنع العبد من إحرامه ثم المشتري بالخيار بين أن يمكنه أو يمنعه وإنما كان بالخيار وإن لم يكن إحرامه في ملكه لأن إحرام العبد لما كان عن غير إذن السيد كان إحرامه غير مستقر فكان لمالك رقه منعه منه لما فيه من تفويت منفعته وإبطال تصرفه فعلى هذا لو مكنه البائع ومنعه المشتري كان منع المشتري أولى من تمكين البائع لوجود المنع من مالك ووجوب التمكين من غير مالك .