الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص245
تطوعاً بناء على أصله في أن من عليه فرض الحج يصح منه التطوع بالحج ونحن نبني ذلك على أصلنا في أن الصبي يصح منه الحج ، وأن من عليه فرض الحج لا يصح منه التطوع بالحج وقد مضى الكلام على هذين الأصلين ثم من الحجاج في غير المسألة أن قال كيف يجزئ الصبي والعبد عن فرضهما حج ابتداء تطوعاً وليس مثل من يحرم بالتطوع وعليه فرض لأن إحرام من أحرم بالتطوع وعليه فرض لم يعقد على تطوع وإنما انعقد على فرض وإحرام هذين انعقد على تطوع فلا ينقلب إلى فرض .
والدلالة عليه حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال : أتيت رسول الله ( ص ) بعرفة وأتاه ناس من أرض نجدً فقالوا يا رسول الله كيف الحج ؟ قال : ‘ الحج عرفة فمن جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه ‘ . فكان على عمومه ولأن وقوف مكلف تعقب إحراماً صادف حرية وإسلاماً فوجب أن يسقط به الفرض قياساً على من كان بهذه الأوصاف فابتدأ الإحرام بالحج .
فأما الجواب عن قوله إن إحرام هذين قد انعقد تطوعاً فلم يصر فرضاً وخالف من أحرم بالتطوع وعليه الفرض ، لأنه لم ينعقد بالتطوع وإنما انعقد بالفرض أن يقال له لا فرق بينهما به لما امتنع بما تقدم من الحجاج أن يبتدأ بالتطوع وعليه الفرض وقد يتحرر ذلك قياساً فنقول كل من لزمه فرض الحج لم يصح منه التطوع بالحج كالمبتدئ .
أحدهما : عليهما دم ، لأن إحرام الفرض إنما اعتدا به من الوقت الذي صار فيه من أهل الفرض وما مضى من إحرامهما المتقدم ليس بفرض فكان وجوده كعدمه وصار كمن مر بميقات بلده مريداً للحج فأحرم بعده فلزمهما لأجل ذلك دم .
والقول الثاني : وهو الصحيح أنه لا دم عليهما لإتيانهما بالإحرام الصحيح من الميقات على حسب قدرتهما كما لو تقدم بلوغهما وحريتهما .
أحدهما : أن يكون زمان الوقوف فائتاً .
والثاني : أن يكون باقياً فإن كان زمان الوقوف فائتاً لوجود البلوغ والحرية بعد طلوع الفجر من يوم النحر فيكون حجهما تطوعاً ولا يجزئهما عن حجة الإسلام لوجود ما يتعلق به إدراك الحج وهو الوقوف قبل وجوب الحج فإن أمكنهما الحج في العام المقبل ووجدت شرائط الوجوب لزمهما فرض الحج وإن عدما شرائط الوجوب لم يلزمهما فرض الحج ولا دم عليهما في هذا الحج لا يختلف لأن حجة الإسلام لم تسقط عنهما فإن قيل أليس لو أحرم الصبي بصلاة وقته ثم بلغ قبل الإسلام منها أجزأته عن فرضه وإن كان ما بقي منها أقلها فهلا