الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص241
سوى حجة الإسلام وعمرته لا يلزم بالشرع لما روي عن ابن عمر أنه دخلها حلالاً بغير إحرام ولأنه ممن أسقط فرض نسكه فجاز أن يدخلها حلال كالحطابين .
والقول الثاني : وهو الصحيح قاله في الأم ومختصر الحج أن الإحرام لدخولها واجب لقوله تعالى : ( لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلاَ الشَهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الهَدْيَ وَلاَ القَلائِدَ وَلاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامِ ) ( المائدة : 2 ) يعني : قاصدين فمنع من العدول عن قصد البيت لمن دخل الحرم وحظر تحليل ذلك بتركه وقال تعالى ( وَإذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) ( البقرة : 125 ) . والمثابة والرجوع إليه بالنسك قال ورقة بن نوفل :
وروي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ إن أبي إبراهيم حرم مكة فلا يدخلها أحدٌ إلا محرماً ‘ وقال ( ص ) حين دخلها حلالاً : ‘ أحلت لي ساعة ولم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحدٍ بعدي ‘ فدل على اختصاصه عن غيره في الإحلال ولأنه لو نذر دخول مكة أو المشي إلى البيت لزمه الإحرام لدخولها بأحد النسكين فلو جاز دخولها بغير إحرام لأحد النسكين لم يلزمه إذا نذر دخولها أن يحرم بأحد النسكين وفي إجماعهم على ذلك في النذر دليل على وجوبه في الدخول ، ولأن مكة لما اختصت بالنسكين والقبلة تشريفاً لها وحرم قتل صيدها وقطع شجرها لعظم حرمتها اختصت بالإحرام لدخولها مباينة لغيرها وعلى كلا القولين يستوي حكم القادر إليها من دون المواقيت أو من ورائها .
وقال أبو حنيفة : إن قدم من دون المواقيت لم يلزمه الإحرام وإن قدم من ورائها لزمه وليس بصحيح ؛ لأن الإحرام تحية لتعظيم البقعة فاقتضى أن يستوي حكم القادم من دون الميقات وورائها في وجوبها واستحبابها .