پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص240

وعليه ثلاثة دماء دم لقرانه في الأداء ودم للفوات ودم لقرانه في القضاء سواء قضاه قارناً أو مفرداً .

مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا يدخل مكة إلا بإحرام في حج أو عمرةٍ لمباينتها جميع البلدان إلا أن من أصحابنا من رخص للحطابين ومن يدخله لمنافع أهله أو كسب نفسه ( قال الشافعي ) ولعل حطابيهم عبيد ومن دخلها بغير إحرام فلا قضاء عليه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال ليس يخلو حال الداخل إلى مكة لغير حج أو عمرة من ثلاثة أضرب :

أحدها : أن يدخلها مقاتلاً إما قتالاً واجباً أو مباحاً من غير قتال معصية كأهل البغي إذا لجؤوا إليها فأراد الإمام قتالهم فيجوز لمن دخلها على هذه الحالة مقاتلاً أن يدخلها حلالاً بغير إحرام لما روي أن النبي ( ص ) دخل مكة عام الفتح سنة ثمانٍ حلالاً وعلى رأسه مغفر وقال أحلت لي ساعة ، ولم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحدٍ بعدي دخلتها وعلى رأسي مغفر قال أهل العلم المراد بقوله ‘ ولا تحل لأحدٍ بعدي ‘ إلا لمن كان في مثل حالي لأن الشرع إذا ثبت لرسول الله ( ص ) ثبت لغيره أمته إلا أن تقوم الدلالة على تخصيصه ولأن في تكليف المحارب الإحرام لدخولها مع ما هو عليه من حال القتال مشقة غالية إذ لا يأمن رجعة عدوه وهو بإحرامه قد تجرد فلا يمكنه الدفع عن نفسه فاستباح لأجل ذلك ترك الإحرام والدخول إليها حلالاً .

والضرب الثاني : أن يدخلها لمنافع أهلها أو كسب نفسه كالذين يكثرون الدخول إليها في كل يوم كالحطابين والساقين والجلابين وأصحاب المبرة فيجوز لهؤلاء دخول مكة بغير إحرام ، لأنه كالإجماع لإقرار السلف لهم على ذلك ، ولأن في أمرهم بالإحرام مع كثرة دخولهم انقطاع عن مكاسبهم ومشقة غالية في تجديد الإحرام مع ترادف دخولهم فعذروا بترك الإحرام قال الشافعي في الإملاء أرخص للحطابين أن يدخلوا بغير إحرام إذا دخلوا في السنة مرة بإحرام فكان أمرهم أن يحرموا في السنة مرة لأنه لا مشقة عليهم في ذلك وليس هذا منه على الإيجاب وإنما قاله استحباباً وفي معنى الخطابين من خرج من مكة مسافراً ثم ذكر أنه نسي شيئاً فرجع لأخذه جاز أن يرجع محلاً ، نص عليه الشافعي في الإملاء .

والضرب الثالث : أن يدخل مكة لغير هذين الأمرين إما متوطناً أو قادماً إلى وطن أو تاجراً أو زائراً فهل يلزمه الإحرام لدخولها بنسك من حج أو عمرة أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : قاله في الإملاء أنه استحباب وليس بواجب وبه قال مالك لقوله ( ص ) للأقرع بن حابس حين قال أحجتنا هذه لعامنا أم للأبد فقال : ‘ لا بل للأبد ‘ فدل على أن ما