پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص238

عنه تبعاً لبدله فلم يسقط عنه ، وليس كذلك الوقوف في الحج ؛ لأنه لا بدل له ، فسقط عنه توابعه بفواته ، فأما ما استدل به مالك من استدامة إحرامه مع بقاء الطواف فكذلك مع الوقوف ، فإنما كان مستديماً لإحرامه مع بقاء الطواف ، لأنه مدرك للحج بمكة ، فعل الطواف متى شاء وليس كذلك حال الوقوف لفوات الحج به ، وأنه لا يقدر على الإتيان به إلا في وقته فافترقا ، وأما ما استدل به أبو يوسف من أنه لما جاز انتقال الإحرام من شهر إلى شهر جاز انتقاله من نسك إلى نسك ، قيل إنما جاز انتقاله من شخص إلى شخص ؛ لأنه لم يعين الإحرام لشخص صح فجاز أن ينتقل في الحكم من شهر إلى شهر ، والإحرام لا به في تعيينه بنسك ، فلم يجز أن ينتقل بعد التعيين من نسك إلى نسك ، فإن قيل فقد نقلتم الإحرام من نسك إلى نسك ، وهو فيمن أحرم بالحج قبل أشهره ، قلتم إن إحرامه بالحج قد صار عمرة لوقوعه في غير أشهر الحج ، قيل إنما منعنا من انتقال الإحرام المنعقد بنسك إلى نسك آخر ، والمحرم بالحج في غير أشهره انعقد إحرامه بعمرة إلا أنه انتقل بعد إحرامه بالحج إلى عمرة ، فإذا ثبت هذا فعليه أن يطوف ويسعى ويحلق ، فإن كان معه هدي نحره قبل حلاقه ، فإن ترك الحلاق فهل يتحلل بالطواف والسعي أم لا ؟ على قولين : إن قيل إن الحلق نسك كان على إحرامه حتى يحلق ويقصر وإن قيل إنه إباحة بعد حظر فقد حل من إحرامه بالطواف والسعي ، فعلى هذا لو كان قد طاف وسعى قبل فوات الوقوف بعرفة أجزأه السعي ، ولزمه إعادة الطواف بعد الفوات ؛ لأن تحلله بعد الفوات لا يقع إلا به ، فأما السعي فمجزئ ، وإنما قال الشافعي هاهنا طواف وسعي لمن لم يكن قد سعى قبل الفوات ، وقد بين الشافعي ذلك في كتاب الإملاء ، فلو أراد استدامة إحرامه إلى العام الثاني لم يجز ؛ لأنه يصير محرماً بالحج في غير أشهره ، والبقاء على الإحرام بالحج في غير أشهره كابتداء الإحرام بالحج في غير أشهره .

فصل

: وأما الحكم الثاني وهو وجوب القضاء : فهو عندنا واجب .

وقال مالك في أحد رواياته القضاء غير واجب ، وبه قال عطاء .

والدلالة عليهما ما ذكرناه من إجماع الصحابة ، وأمرهم بالقضاء ، ولأن المانع من إجزاء الحج شيئان : فوات وفساد ، فلما كان الفساد موجباً للقضاء وجب أن يكون الفوات موجباً للقضاء ، وتحرير ذلك قياساً أنه أحد ما يعم الإجزاء فوجب أن يوجب القضاء كالفساد ، فإذا ثبت أن القضاء عليه واجب فعليه قضاء الحج لا غير .

وقال أبو حنيفة : عليه أن يقضي حجة وعمرة ، والدلالة عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم أنهم أمروا بقضاء الحج ولم يأمروا بقضاء العمرة ، ولأن القضاء إنما يجب فيما اشتمل عليه إحرام الأداء ، فلما كان في الأداء محرماً بالحج دون العمرة وجب أن يلزمه قضاء الحج دون العمرة ، استشهاداً بسائر الأصول ، ولأن حكم الفساد أغلظ من حكم الفوات ، فإذا لم