پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص237

قال : فوات بعض الأركان لا يبيح التحلل قبل كمال جميع الأركان ، كالعائد إلى بلده قبل الطواف لا يستبيح الإحلال من إحرامه قبل الطواف وكذا تارك الوقوف لا يستبيح التحلل من إحرامه قبل الوقوف ، واستدل أبو يوسف بأن قال الإحرام لا يصح إلا بنسك من المناسك ليخلص من الإشخاص ، ثم يثبت جواز انتقال الإحرام من شخص إلى شخص غيره ، وهو أن يحرم المعافى عن غيره ، ثم يفسد إحرامه بالوطء فينتقل عن غيره ويصير عن نفسه ، كذلك يجوز انتقال الإحرام من نسك إلى نسك غيره .

والدلالة على جميعهم إجماع الصحابة ، وهو ما روى سليمان بن يسار أن أبا أيوب خرج حاجاً حتى إذا كان بالبادية من طريق مكة أضل رواحله ثم أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يوم النحر فذكر ذلك له فقال : اصنع كما يصنع المعتمر ، ثم قد حللت ، فإذا أدركت الحج من قابل فاحجج واهد ما استيسر من الهدي .

وروي عنه أنه قال لهبار بن الأسود مثله ، وروى نافع عن ابن عمر أنه قال : من فاته الحج فليطف ، ويسعى ، وليحلق ، وليحج ، من قابل وليهدي في حجه .

وروي مثله عن زيد بن ثابت ، وليس لهؤلاء الثلاثة من الصحابة مخالف فكان إجماعاً ، فبطل له قول المزني في إيجاب الرمي والمبيت بمزدلفة ومنى ؛ لأنهم لم يوجبوه ، وبطل به قول مالك حين أوجب عليه البقاء على إحرامه ، لأنهم أمروا بالتحلل وأوجبوه ، وبطل به قول أبي يوسف ؛ لأن عمر قال اصنع ما يصنع المعتمر ، وقال ابن عمر فليطف ويسعى ويحلق ، فأمره أن يفعل مثل فعل المعتمر ، فدل على أنه ليس بمعتمر ؛ لأن مثل العمرة غير العمرة ، ثم يدل على المزني أن الرمي والمبيت من توابع الوقوف ، بدليل سقوطه في العمرة ؛ لأنه ليس فيها وقوف ومن فاته الوقوف سقط عنه ، فوجب أن يسقط حكم توابعه .

وتحرير ذلك قياساً أنه نسك عري عن الوقوف فوجب أن يسقط فيه الرمي والمبيت كالعمرة ، ثم يدل على مالك أن الوقوف معظم الحج ؛ لأن إدراك الحج متعلق بإدراكه وفوات الحج مقرن بفواته ، فلو كان بفوات الوقوف باقياً على إحرامه لم يكن موصوفاً بفوات الحج ، وفي إجماعهم على فوات الحج دليل على أنه يتحلل من إحرامه بالحج ، ثم يدل على أبي يوسف أن النسك نسكان ، حج وعمرة ، فلما لم يجز انتقال العمرة إلى الحج بحال ، لم يجز انتقال الحج إلى العمرة بحال .

وتحرير ذلك قياساً أن نقول : لأنه إحرام انعقد بنسك فوجب أن لا ينتقل إلى غيره كالإحرام بالعمرة ، فأما ما استدل به المزني من الصلاة فإما لم يكن عجزه عن بعض أركانها مسقطاً لشيء من سننها وهيأتها ، لأنه ينتقل عما عجز عنه إلى بدل يقوم مقامه ، كان ما عجز