الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص233
القضاء والكفارة ، وهي بدنة كالوطء في الحج سواء ، وقال بعض العلماء : يلزمه القضاء دون الكفارة .
ودليلنا : هو أن العمرة كالحج فيما يحل فيه ويحرم ، فوجب أن تكون كالحج في فساده بالوطء ووجوب البدنة .
وتحرير ذلك قياساً أنها عبادة تفتقر إلى الطواف فوجب أن يكون الوطء فيها موجباً للقضاء والبدنة كالحج ، فإذا ثبت هذا فعليه أن يمضي في فاسدها ثم يقضيها من حيث أحرم بها ، وكذا الحج إذا أفسده يقضيه من حيث أحرم به ، فإن كان قد أحرم به من بلده لزمه أن يحرم بالقضاء من بلده ، وإن كان قد أحرم به من ميقاته أحرم بالقضاء من ميقاته ، وإن كان قد أحرم بالعمرة من أدنى الحل ، وبالحج من الحرم ، أحرم في القضاء كذلك .
وقال أبو حنيفة : عليه قضاء الحج من ميقاته والعمرة من أدنى الحل وإن أحرم بهما من بلده ؛ تعلقاً بما روي أن عائشة رضي الله عنها أحرمت بالعمرة من الحديبة ثم رفضتها وخرجت منها فأمر رسول الله ( ص ) أخاها أن يعمرها من التنعيم ورفض العمرة كالإفساد .
ودليلنا هو أن القضاء إنما هو الإتيان بفعل ما لزم فلما لزمه في الأداء الإحرام من بلده بالدخول فيه وجب أن لا يلزمه القضاء الإحرام من بلده بالإفساد له ، ليصير قاضياً لما كان له مؤدياً ، فأما حديث عائشة رضي الله عنها فلم ترفض عمرتها ولم تخرج منها بل كانت قارنة ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يجزئك لحجك وعمرتك ‘ وإنما قالت : يا رسول الله كل نسائك يتصرفن بنسكين وأنا بنسك واحد ، يعني : بنسكين منفردين ، وأنا قد ضممتها في القران ، فحينئذ أمر النبي ( ص ) أخاها أن يحرم بها من التنعيم ، فإن قيل فقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال لها : ‘ ارفضي عمرتك وأهلي بالحج ‘ وقيل إنما أراد بقوله : ارفضي عمرتك أي عمل عمرتك ، وقوله : وأهلي بالحج ، أي ادخلي الحج على العمرة حتى صارت قارنة .
أحدهما : يجزئه ولا دم عليه لأن مسافة الإحرام في القضاء كمسافة الإحرام في الأداء ، ويكون اختلاف الجهتين كاختلاف الطريقين .