پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص231

‘ فجاج مكة كلها طرق ومنحر ‘ فخص النحر بموضع مخصوص ، فعلم أنه لا يجوز في غيره ، ولأنه أحد مقصودي الهدي فوجب أن لا يجزئ إلا في الحرم كالتفرقة ، وما ذكروه من حصول التفرقة في أهل الحرم ففاسد بمن اشترى لحماً وفرقه في أهل الحرم ، فعلم أن الإراقة مقصودة مع التفرقة .

فصل

: فأما الطعام فالحكم فيه كالحكم في الهدي لا يجزئه إلا في الحرم ، وقال أبو حنيفة : يجزئ في غير الحرم ، والكلام في المسألتين واحد ، وإذا كان كذلك فالطعام الواجب في الفدية على ضربين :

أحدهما : أن يكون منصوصاً على قدره وعدد مستحقيه وذلك فدية الأذى ، وهو إطعام ثلاثة آصع ستة مساكين ، لكل مسكين مدان ، وهو أعلى الإطعام المنصوص عليه في الكفارات ، وقد سماها الشافعي في الإملاء فدية تعبد ؛ لأن الشرع قد تعبد بقدر الطعام وأعداد المساكين ، فإذا دفع أقل من ثلاثة آصع إلى ستة مساكين لم يجزه ؛ لنقصان القدر ، وإن دفع ثلاثة آصع إلى أقل من ستة مساكين لم يجزه ، لنقصان العدد .

والضرب الثاني : أن لا يكون منصوصاً على قدره ولا على عدد مستحقه ، وذلك جزاء الصيد وما في معناه من الكفارات التعديل ، وقد سماه الشافعي في الإملاء فدية بدل ، كالأثمان تنخفض وترتفع ؛ لأنه لا يتقدر الطعام فيها إلا بتقويم الهدي وصرف ثمنه في الطعام ، فربما كثر الطعام إما لكثرة قيمة الهدي ، أو لقلة ثمن الطعام ، وربما قل الطعام إما لقلة قيمة الهدي ، أو لكثرة ثمن الطعام ، ثم يتقدر حينئذ بذلك فيصير كالمقدر شرعاً ، فأما أعداد مستحقه فهل مخصوص بعدد أم لا ؟ على وجهين مبنيين على اختلاف القولين فيما يدفع إلى كل مسكين .

فأما الوجهين : أنه يدفع إلى كل مسكين مد ، لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان منه فعلى هذا ينحصر عددهم بعدد الأمداد ؛ فإن كانت الأمداد عشرة وجب دفعها إلى عشرة مساكين ، لا يجوز الزيادة عليهم ولا النقصان منهم ، وصاروا كالعدد المقدر شرعاً ؛ فلو كان فوق الأمداد كسر وجب دفع الكسر إلى مسكين آخر .

والوجه الثاني : أن كل ما يدفع إلى كل مسكين غير مقدم كلحم الهدي ، فعلى هذا عدد المساكين غير محصور ، ولكن إن كان ذلك ثلاثة أمداد فصاعداً لم يجز دفعها إلى أقل من ثلاثة مساكين ؛ لأنهم أقل الجمع المطلق ، وإن كان ذلك مدين لم يجز دفعها إلى أقل من مسكين ، ويجوز دفعها إلى مسكينين ؛ لأن أقل ما يواسى به كل مسكين مد ، فإن دفع ذلك إلى ثلاثة مساكين أجزأ ؛ فإن كان ذلك مداً واحداً جاز أن يصرفه إلى مسكين واحد ، فإن صرفه إلى مسكينين أو ثلاثة مساكين أجزأه ، ويستحب على هذا الوجه أن لا ينقص المسكين الواحد عن مد ؛ لأنه أقل ما يواسى به ، ولا يزيده على مدين ؛ لأنه أكثر ما يواسى به .