پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص230

وأما القسم الثالث : وهو أن ينحرها في الحرم ويفرق لحمها في الحل ، فلا يجزئه عندنا سواء فرقه في الحل على فقراء الحرم أو فقراء الحل ، وعليه إعادة الهدي . وقال أبو حنيفة : يجزئه استدلالاً بقوله تعالى : ( هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ ) ( المائدة : 95 ) فكان الظاهر يقتضي إبلاغه الكعبة فيجزئ وهذا هدي قد بلغ الكعبة فوجب بحق الظاهر أن يجزئ ، ولأنه جبران لنسكه فجاز الإتيان به في الحل والحرم كالصوم ، ولأنه موضع يجوز فيه صومه عن نسكه فجاز فيه تفريق هديه كالحرم .

ودليلنا قوله تعالى : ( هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ ) ( المائدة : 95 ) والمراد بالكعبة الحرم ، فلما حض الله تعالى بإيصال الهدي إليه لم يخل أن يكون مخصوصاً بالتفرقة دون الإراقة ، أو بالإراقة دون التفرقة ، أو بالإراقة والتفرقة ، فلم يجز أن يكون مخصوصاً بالتفرقة دون الإراقة ؛ لأنه لا يكون هدياً بالغ الكعبة ، وإنما يكون لحماً بالغ الكعبة ، ولم يجز أن يكون مخصوصاً بالإراقة دون التفرقة لأنه لا يفيد إلا تنجيس الحرم ، وتنجيس الحرم ليس بقربة ، بل صيانة الحرم عن الأنجاس قربة ، فثبت أنه مخصوص بالإراقة والتفرقة ؛ لما في نفع مساكين الحرم من عظم القربة ، ولأن رسول الله ( ص ) نحر هديه في الحرم وفرق لحمه على مساكينه ، وقال : ‘ خذوا عني مناسككم ‘ ، ولأن إراقة الهدي وتفريقه مقصود ثان معاً ، أما الإراقة فهي مقصودة ؛ لأنه لو اشترى في الحرم لحماً وفرقه لم يجزئه ، وأما التفرقة فهي مقصودة لأنه لو نحر هديه ثم استهلكه لم يجزه ، وإذا كانت الإراقة والتفرقة مقصودتين ثم لم تجز الإراقة إلا في الحرم وجب أن لا تجز التفرقة إلا في الحرم .

وتحرير ذلك قياساً : أنه أحد مقصودي الهدي فوجب أن لا يجزئ إلا في الحرم كالإراقة ؛ ولأن الأصول في الحج موضوعة على أن كل نسك اختص شيء منه بالحرم اختص جميعه بالحرم كالطواف والسعي والرمي ، وكل نسك لم يختص شيء منه بالحرم لم يختص جميعه بالحرم كالوقوف بعرفة ، فلما كان شيء من الهدي مختصاً بالحرم وجب أن يكون جميعه مختصاً بالحرم .

وأما قياسهم على الصوم فالمعنى فيه أنه لا يختص شيء من أسبابه بالحرم ، فلذلك جاز في غير الحرم ، ولما اختص شيء من الهدي بالحرم اختص جميعه بالحرم .

أما قياسهم على الحرم فالمعنى في الحرم أن الإراقة فيه تجزئ فجازت التفرقة فيه والحل لما لم يجز الإراقة فيه لم تجز التفرقة فيه .

وأما القسم الرابع : وهو أن ينحرها في الحل ويفرق لحمها في الحرم فمذهب الشافعي أنه لا يجزئ .

وقال بعض أصحابنا يجزئ التفرقة في أهل الحرم ، وهذا خطأ خالف به نص المذهب ومقتضى الحجاج ؛ لرواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي ( ص ) قال :