پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص229

وقبل وجود النصاب ؛ لأن الإسلام ليس يراد لوجوب الزكاة ، وجاز تقديم الزكاة بعد وجود النصاب لأنه يراد لوجوب الزكاة والله أعلم .

مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا يكون الطعام والهدي إلا بمكة أو منى والصوم حيث شاء لأنه لا منفعة لأهل الحرم في الصوم ‘ .

قال الماوردي : وجملة ذلك أن الفدية الواجبة في الحج على ثلاثة أضرب :

أحدها : إما أن يكون هدياً .

والثاني : أن يكون طعاماً .

والثالث : أن يكون صياماً ، فأما الهدايا من سائر الدماء الواجبة في الحج فعليه إيصالها إلى الحرم ونحرها فيه وتفريقه لحمها على مساكينه لقوله تعالى : ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ( الحج : 33 ) وقوله تعالى : ( هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ ) ( المائدة : 95 ) وإذا كان هكذا لم يخل حالها من أربعة أقسام : إما أن ينحرها في الحرم ويفرقها في الحرم ، أو ينحرها في الحل ويفرقها في الحل ، أو ينحرها في الحل ويفرقها في الحرم .

والقسم الرابع : وهو أن ينحرها من الحل ويفرق لحمها من الحرم . فأما القسم الأول : وهو أن ينحرها في الحرم ويفرق لحمها طرياً في الحرم ، فهو الواجب المجزئ إجماعاً ويستحب أن ينحرها من الحرم في الموضع الذي يتحلل فيه ، فإن كان معتمراً فعند المروة لأنه موضع تحلله وإن كان حاجاً فبمنى ؛ لأنه موضع تحلله ، وأين نحر منه فجاج مكة وسائر الحرم أجزأه لأن حرمة جميعه واحدة ، وقد روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي ( ص ) قال : ‘ عرفة كلها موقفٌ ومزدلفة كلها موقفٌ وفجاج مكة كلها موقف ومنحر ‘ ويستحب أن يخص بها من كان قاطناً في الحرم دون ما كان طارئاً إليه لأن القاطن فيه أوكد حرمة من الطارئ إليه ، فإن فرقها على الطارئين إليه دون القاطنين أجزأه ؛ لأنهم قد صاروا من أهل الحرم بدخولهم إليه ، وليس لما يعطي كل واحد منهم قدر معلوم ولا عدد من يعطيه معلوم ، فلا يجوز أن يعطي أقل من ثلاثة مساكين ما كان يقدر عليهم لأنهم أقل الجمع المطلق .

وأما القسم الثاني : وهو أن ينحرها في الحل ويفرقها في الحل ، فهذا غير مجزئ إجماعاً ، إلا دم الإحصار فإنه يجزئه نحره في الموضع الذي أحصر فيه ؛ لأنه موضع تحلله على ما سنذكره ، فأما غير دم الإحصار من سائر الدماء الواجبة فلا تجزئ لأنها لم تبلغ محلها ، ولا فرقت في مستحقيها .