پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص226

مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ هكذا كل واجب عليه يعسر به ما لم يأت فيه نص خبرٍ ‘ .

قال الماوردي : الدماء الواجبة في الحج ضربان ضرب نص الله تعالى عليه في كتابه ، وضرب لم ينص عليه ، فأما المنصوص عليه في كتاب الله تعالى فأربعة دماء دم التمتع ودم جزاء الصيد ودم كفارة الأذى ودم الإحصار فهذه الدماء الأربعة منصوص عليها وهي ضربان :

أحدهما : ما نص عليه بدله .

والثاني : ما لم ينص على بدله ، فأما المنصوص على بدله فثلاثة دماء : دم التمتع ، دم جزاء الصيد ، ودم كفارة الأذى ، وهي على ثلاثة أقسام :

أحدها : ما جعل بدله ترتيباً وتقديراً من غير تعديل ولا تخيير وذلك دم التمتع قال الله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ ) ( البقرة : 196 ) فجعل البدل فيه مقدراً بعشرة أيام من غير تعديل مرتباً عند عدم الدم من غير تخيير .

والثاني : ما جعل بدله تعديلاً مع التخيير وهو جزاء الصيد قال الله تعالى : ( فَجَزَاءُ مِثْلُ مَا قُتِلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ أوْ كَفَارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً ) ( المائدة : 95 ) فخير الله تعالى بين المثل من النعم أو الإطعام بالتعديل ، فيقوم المثل دراهم ويصرف الدراهم في طعام يتصدق به ، أو يصوم عن كل ‘ مد ‘ يوماً فجعل البدل فيه تعديلاً وتخييراً من غير ترتيب .

والثالث : ما جعل بدله تخييراً وتقديراً من غير تعديل ولا ترتيب وهو كفارة الأذى في حلق الشعر قال الله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أذًى مِنْ رأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ ) ( البقرة : 196 ) فخير الله تعالى بين ثلاثة أشياء من غير أن ينص على مقدراها فبين رسول الله ( ص ) المقدار فيها فقال لكعب بن عجرة : أيؤذيك هوام رأسك قال : نعم قال : ‘ إحلق وانسك شاة أو صم ثلاثة أيامٍ أو اطعم ثلاثة آصع ستة مساكين ‘ فجعله مخيراً بين شاة أو صيام أو ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين من غير ترتيب ولا تعديل ، فهذا حكم الدماء الثلاثة المنصوص على أبدالها ، وأما الدم الذي لم ينص على بدله فهو دم الإحصار قال الله تعالى : ( فَإِذا أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الهَدْيِ ) ( البقرة : 196 ) فأوجب عليه بإحصار العدو هدياً وهو ‘ شاة ‘ ولم ينص على بدله ، فاختلف قول الشافعي هل له بدل عند عدمه أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : لا بدل له ويكون في ذمته إلى أن يجده .

والقول الثاني : له بدل وبدله الصيام وفي قدره ثلاثة أقاويل :

أحدها : صيام عشرة أيام كالتمتع .