الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص225
أضحية ولا تجزئة البقرة إلا عند عدم البدنة ، ولا تجزئه الغنم إلا عند عدم البقرة ، وإنما كان كذلك ، لأنه لما كانت كفارة الوطء كأغلظ كفارات الحج تقديراً وجب أن يكون كأغلظها ترتيباً .
والوجه الثاني : أنها على التخيير وبه قال ابن عباس ، فإن أخرج البقرة مع وجود البدنة أو أخرج الغنم مع وجود البقرة أجزأه ، لأن البدنة في الحج لا تجب إلا في قتل النعامة والإفساد فلما وجبت البدنة في جزاء النعامة على وجه التخيير اقتضى أن تجب في إفساد الحج على وجه التخيير .
وقال أبو العباس بن سريج : يقوم السبع من الغنم ؛ لأنها أقرب الواجبات المذكورة ، وما قاله الشافعي من تقويم البدنة أصح ؛ لأن الغنم فرع للبدنة عند وجودهما ، فإذا عدمها كان اعتبار الأصل أولى من اعتبار الفرع ، فإذا ثبت أنه يقوم البدنة فإنه يقوم ذلك بمكة أو بمنى في الموضع الذي ينحرها فيه ؛ لوجودها دون الموضع الذي وجبت فيه بوطئه ، ولا يراعي بقيمتها حال الرخص والسعة ، ولا حال الغلاء والقحط بل يراعي غالب الأسعار في أعم الأحوال فيقومها فيه بالدراهم ، ويصرف الدراهم في طعام ، ولا يتصدق بالدراهم ، فإن تصدق بالدراهم لم تجزئه لأن إخراج الدراهم في الكفارات إنما تكون قيماً وإخراج القيم في الكفارات لا تجزئ ، فإذا صرف الدراهم في الطعام تصدق به على فقراء الحرم وفيما يعطي كل فقير وجهان :
أحدهما : أنه غير مقدر ، فإن أعطاه أقل من ‘ مد ‘ أو أكثر من ‘ مد ‘ أجزأه كاللحم الذي لا يتقدر بشيء ويجزئ قليله وكثيره .
والثاني : أنه يتقدر ‘ بمد ‘ فإن أعطى فقيراً أكثر من ‘ مد ‘ لم يحتسب بالزيادة على المد ، وإن أعطاه أقل من ‘ مد ‘ لم يحتسب بشيء منه إلا أن يعطيه تمام المد اعتباراً بكفارة الظهار والوطء في شهر رمضان ، فإن عدل عن الإطعام إلى الصيام صام عن كل مد يوماً ، فإن كان في الإمداد كسر ، صام مكانه يوماً كاملاً ؛ لأن اليوم لا يتبعض ثم هل ينتقل عن الإطعام إلى الصيام على وجه التخيير أو الترتيب على وجهين :
أحدهما : أنه ينتقل على وجه التخيير فإن صام مع القدرة على الإطعام أجزأه .
والوجه الثاني : أنه ينتقل على وجه الترتيب عند تمام الإطعام فإن صام مع القدرة على الإطعام لم يجزئه .