الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص223
بالوطء لا تجب فيه فافترقا ؛ فإذا ثبت أنه مأمور بفراقها إذا بلغا الموضع الذي وطئها فيه واعتزالهما في السير والنزول ، فهل ذلك واجب أو مستحب ؟ على وجهين :
أحدهما : واجب وبه قال مالك لما ذكرنا من الإجماع فيه .
والوجه الثاني : اجتناب الوطء مستحب ، وهو أصح ؛ لأن الواجب اجتناب الوطء والافتراق احتياط .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وما تلذذ منها دون الجماع فشاة تجزئه فإن لم يجد المفسد بدنةً فبقرةً فإن لم يجد فسبعاً من الغنم ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال وطء المحرم ضربان :
أحدهما : في الفرج ، والآخر دون الفرج ، فإن كان دون الفرج لم يفسد الحج ، سواء أنزل أو لم ينزل ، وعليه ‘ شاة ‘ أنزل أو لم ينزل ، وكذلك لو قبل أو لمس بشهوة فعليه ‘ شاة ‘ وحجه مجزئ .
وقال مالك : إن أنزل فسد حجه كالوطء في الفرج وإن لم ينزل لم يفسد استدلالاً بعموم قوله تعالى : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ ) ( البقرة : 197 ) فكان الرفث يتناول الجماع في الفرج وغيره ، ثم كان الوطء في الفرج مفسداً للحج وجب أن يكون الوطء دون الفرج مفسداً للحج ، ولأنها عبادة يفسدها الوطء في الفرج فوجب أن يبطلها الإنزال عن المباشرة دون الفرج كالصوم .
ودليلنا ما روي عن عمر وابن عباس أنهما قالا إذا قبل المحرم امرأته فعليه شاة ، ولم يفرقا بين وجود الإنزال وعدمه وليس يعرف لهما مخالف ؛ ولأنهما مما لا يتعلق الحج بشيء من جنسه فوجب أن لا يفسد الحج به كالمباشرة بغير إنزال ؛ ولأنه لما استوى حكم الوطء في الفرج بين الإنزال وعدمه في أنه غير مفسد للحج ، ولأن الوطء في الفرج أغلظ حكماً من الوطء دون الفرج فلم يجز أن يستوي حكمهما في إفساد الحج مع اختلافهما وتباينهما . فأما الآية فتقتضي حظر الجماع ، وإطلاق الجماع يتناول الوطء في الفرج دون غيره ، وأما قيامه على الصوم فغير صحيح ؛ لأن الصوم أضعف حالاً من الحج ؛ لأنه يبطل بالوطء وغير الوطء من الأكل والشرب ، فجاز أن يبطل بالوطء دون الفرج والحج لا يبطل بغير الوطء فجاز أن لا يبطل بالوطء دون الفرج .
أحدهما : أن يكون في القبل فأما فالواطئ فيه مفسد للحج إجماعاً .