پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص222

فصل

: وأما الفصل الثاني في وجوب الكفارة عنهما ؛ فإنه ينظر فإن كان الواطئ محرماً دون الموطوءة ففيه كافرة واحدة على الواطئ دون الموطوءة ، وإن كانت الموطوءة محرمة دون الواطئ فالواجب كفارة واحدة ، وإن كان الواطئ ممن لا يتحمل عن الموطوءة شيئاً لكونه أجنبياً فالكفارة واجبة في مال الموطوءة ، وإن كان ممن يتحمل عنها لكونه زوجاً أو سيداً فعليه تحمل ذلك عنها ؛ لأنه من موجبات الوطء على ما مضى من كفارة الواطئ في الصوم ، وإن كان الواطئ والموطوءة محرمين فهل تجب كفارة واحدة أو كفارتان على قولين :

أحدهما : كفارتان ، وهو قوله في القديم .

والثاني : كفارة واحدة ، وهو قوله في الجديد ، وقد ذكرنا توجيه القولين في كتاب الصيام ، فإذا قلنا بقوله في القديم إن عليهما كفارتين فعلى هذا إن كانا أجنبيين فعلى الواطئ كفارة ، وعلى الموطوءة كفارة ، ولا يتحمل الواطئ عن الموطوءة الكفارة لكونه أجنبياً ، وإن لم يكونا أجنبيين فعلى الواطئ أن يتحمل الكفارتين عنه وعن الموطوءة ، فإذا قلنا بقوله في الجديد إن عليه كفارة واحدة فعلى هذا هل وجبت الكفارة على الواطئ وحده أم عليهما ثم تحمل الواطئ على وجهين :

أحدهما : وجبت على الواطئ وحده فعلى هذا لا شيء على الموطوءة سواء كانت زوجته أو أجنبية . والوجه الثاني : أنها وجبت عليهما ؛ فعلى هذا إن كانت الموطوءة زوجته فعلى الواطئ كفارة واحدة عنه وعنها ، وإن كانت الموطوءة أجنبية لم يتحمل الواطئ عنها . ووجبت على الواطئ كفارة كاملة وعلى الموطوءة ، كفارة كاملة ؛ لأن الكفارة لا يجوز تبعيضها ، والواطئ ممن لا يتحمل عنها فلذلك وجب على كل واحد منهما كفارة كاملة .

فصل

: وأما الفصل الثالث في التفرقة بينهما : فهو أنهما إذا أحرما بالقضاء وبلغا الموضع الذي وطئها فيه فرق بينهما ، وقد نص عليه الشافعي في سائر كتبه في القديم والجديد والإملاء ، وبه قال مالك . وقال أبو حنيفة : لا أعرف للافتراق معنى ؛ لأنه لو وطئها في الصوم ثم دخل في القضاء لم يفرق بينهما ولم يمنعا من الاجتماع في الموضع الذي وطئها فيه ، كذلك في قضاء الحج .

ودليلنا هو أنه قول ثلاثة من الصحابة عمر وعثمان وابن عباس رضي الله عنهم ، وليس يعرف لهم في الصحابة مخالفاً فكان إجماعاً ؛ ولأنه بفراقهما يأمن عليهما الشهوة في وطئها ، وليكون زجراً له وتندماً فيما فعله ، فأما الصوم فمخالف للحج ، لأن قضاء الحج كأصله في إفساده بالوطء ووجوب الكفارة فيه ، وقضاء الصوم أخف من أصله ؛ لأن الكفارة في إفساده